Tuesday, May 30, 2006

قمر الأرض الأفضل في المجموعة الشمسية

space.com
بقلم: سيث شوستاك
ترجمة: علاء غزالة

لقد قمت باجراء الحسابات. ان ما كان مشكوكا بصحته دائما هو صحيح: افضل مكان في النظام الشمسي لمشاهدة كسوف للشمس هو الارض. القمر، تلك الكرة المنقطة ذات الصخور المغبرة والذي يدور حول الارض مرة كل 29 يوما، الذي الهب ربات الشعر لدى الشعراء وبرعم قصص المسوخ، حدث انه كان في الحجم والمسافة المناسبين ليغطي بالكاد قرص الشمس. وشكرا للآلية التي تجعله يدور على مدار الساعة بدون توقف والتي توجد الظروف المناسبة لكسوف شمس كلي. لقد شاهدتُ ستة منها، وكان احدثها في مصر يوم 19 آذار الماضي.
وطالما كان هناك ما يزيد على 150 قمرا في نظامنا الشمسي، فقد تظن ان هناك الكثير من العوالم التي ستتلقى بين الفينة والاخرى مثل هذه الظلال السماوية. ولكن على خلاف الارض، فقد فشلت الكواكب القرينة لنا في الفوز بيانصيب الكسوف.
عطارد والزهرة كان يمكن ان يكونا مكانين رائعين لمشاهدة الكسوف (اذا اهملنا جوهما القاتل) طالما ان الشمس تظهر ضخمة في السماء، بحيث تظهر واضحة في الصور المأخوذة بطريقة (وجّه والتقط). ولكن ايا منهما لا يمتلك قمرا. الكواكب الاخرى مثقلة بتوابع عديدة، والتي تظهر –عموما- اما كبيرة جدا، او صغيرة جدا. على سبيل المثال، الاقمار الاربعة التي اكتشفها غاليليو في المشتري (إيو، ويورب، وغانيميد، وكاليستو) جميعها ضخمة بما يكفي لحجب الشمس. ولكن لسوء الحظ، فان مقدار الحجب هو كبير جدا، بحيث ان اللهب الشمسي والاكليل الداخلي اللذين يكونان غاية في الروعة اثناء الكسوف على الارض، يختفيان بسرعة خلف هذه الاقمار ذوات الحجم الهائل.
لا مفر من الاعتراف بان تابع زحل المسمى جانوس بالكاد يغطي الشمس، وقد يعطي كسوفا جيدا اذا تدبرت امرك لالقاء نظرة من على سطح هذا الكوكب ذي الحلقات والمحيط الجوي السام. ولكن التابع جانوس هو اشبه بثمرة بطاطا مليئة بالبثور، وهو قطعة صخرية مستطيلة لا يزيد طولها الا قليلا عن 100 ميل (160 كم). لذا فهو يلطخ الشمس بشكل بيضوي معتم وغير منتظم، ويكون فقيرا جماليا بالمقارنة مع قمرنا ذي القرص الدائري الذي يبعث على السرور. والاسوأ من ذلك ان جانوس يدور حول زحل في اقل من 17 ساعة مما يعني ان مجمل الكسوف سوف ينتهي باقل من 10 ثوان.
كورديلا، اوليفيا، روزاليند –اسماء تبدو وكأنها اعضاء فريق هوكي ولكنها في الواقع اقمار اورانوس الصغرى- هي في الحجم الكلي والمسافة الصحيحين لحجب الشمس كما تـُرى من ذلك الكوكب الشبيه بالكرة الزرقاء. ولكنها مجرد اقمار صغيرة ومن المحتمل انها مشوهة تماما مثل جانوس. بالاضافة الى ذلك، فان الشمس كما تشاهد من اورانوس هي ليست اكثر من نجم لامع (يبلغ حجمها من 1 الى 0.5 دقيقة قوسية، او اقل من رأس قلم الرصاص على مسافة ذراع ممدودة). ولهذا فحتى لو غطتها فلن يكون الكسوف اكثر من ومضة نجمة. بالكاد يستحق هذا المشهد عناء الزيارة.
خبرة الكسوف
اعتبر نفسك محظوظا للعيش على كوكب حيث يكون الكسوف محتملا ورائعا في نفس الوقت. وانت محظوظ اكثر بوجود النفاثات والسفن العابرة للقارات التي تجعل من السهل بالنسبة لآلاف الاشخاص الارتحال الى اي مسار ضيق للكسوف. بالنسبة لاجدادنا واسلافهم، هؤلاء الذين توفوا غالبا في القرى التي ولدوا فيها، لم تكن فرص ان يشاهدوا كسوفا كاملا في كل اعمارهم اكثر من واحد الى سبعة. اما فرص مشاهدته مرتين فهي لا تتجاوز نسبة ولادة توأم من خمسة اطفال، (والتي تقدر بـ 1 الى 57 مليونا).
ولكن الحال قد تغيرت، كما هو واضح مما حدث يوم 19 آذار عندما عسكر آلاف السياح في السهل المنبسط والخالي من الاشجار شرق السلوم، وهي مدينة ساحلية تبعد أميالاً قليلة عن الحدود الليبية المصرية. وحينا تطلعت حولي في برد الصباح الباكر خلت مشهدا يبدو وكأنه أم جميع مهرجانات المستكشفين: الايطاليون انبطحوا على مبعدة عدة مئات من الاقدام الى الشمال بينما اليابانيون في حال مزرية في خيامهم. الفرنسيون نأوا بانفسهم، اما الالمان فتجمهروا في منطقتنا المكونة من التراب والصخر. لكنات غريبة وضباب ابيض هبت على الموقع، على الرغم من ان الجميع كان واثقا من ان الشمس الصاعدة توا سوف تبدد الجو الخانق قبل بداية الكسوف. البعض كان قلقا (بلا ضرورة) من ان الضباب قد تحل محله عاصفة رملية قادمة من الصحراء. وعلى مدى ساعات روّح السياح عن انفسهم بالاكل والاحاديث الصغيرة والتعديلات اللانهائية لمناظيرهم وكاميراتهم. وعلى مسافة ربع مليون ميل (400,000 كم) الى الاعلى، انسل القمر الجديد غير المرئي بهدوء الى مساره الذي يعترض الشمس.
في الالفية السابقة، كسوفات الشمس (شأنها شأن المذنبات) لم تكن متوقعة، كما انها كانت ظواهر غير مرحب بها، وقد تحملت –عموما- وزر اي طارئ سيئ حصل خلال تلك السنة. امبراطور اليابان سيوكو توفي عام 628 ميلادية، واعتبر الكسوف هو الملام عن ذلك. لويس البافاري، نجل كارلماجن، مات هو الاخر في سنة كسوف. وعلى الفور تم تقسيم امبراطورية كارلماجن الى ما اصبح يعرف بايطاليا وفرنسا والمانيا. في القرن السابع عشر، اطلق جيبيوا المذعور اسهما ذات رؤوس نارية باتجاه السماء لإعادة قدح الشمس الغائرة (مع نجاح ملحوظ).
من العجيب التفكير ان كرة من الحجر تمر امام كرة من الغاز كان يمكن لها بسهولة بالغة ان تهيج اسلافنا. ولكن منذ اوضح العلماء في عصر النهضة طبيعة الكسوفات، فان هذه الاستعراضات السماوية تحولت من كونها نذير شؤم الى فرص جيدة للبحث. لقد اكتشف الهيليوم، وهو يعد ثاني عنصر يزخر به كلٌ من الكون والمناطيد، من خلال التحليل الطيفي اثناء كسوف للشمس عام 1868. وفي عام 1919 اثبت فلكي بريطاني نظرية اينشتاين في النسبية العامة عن طريق قياس موقع النجوم بالقرب من قرص الشمس الذي صار مظلما.
ان كل ما يتطلبه رؤية الكسوف اليوم لا يعدو ان تكون على متن مكوك فضاء او محطة فضائية وان تضع عملة معدنية صغيرة على مبعدة اربعة اقدام عن عينيك بينما تنظر الى الشمس. وهكذا تحول الكسوف المرتبط بالارض الى مصدر للهواة والسياح. والكثير من مطاردي الكسوف هؤلاء هم على علم تام بما يجب رؤيته وكيف يتم تصويره. حقا، بينما تطلعت الى موقع المشاهدة قبل لحظات من حصول الكسوف الكلي فانني جزمت بان المعدات الموجودة فوق هذا الشاطئ الصحراوي لم تكن مسبوقة عددا في اي وقت مضى منذ ان تصدى مونتيغمري لرومل.
ان حجم القمر ومداره يسببان مدا بحريا ضخما في المحيطات الارضية (مساهمة الشمس في المد البحري تبلغ نصف ذلك فقط). يعتقد بعض الباحثين ان المد البحري ربما كان ضروريا في تطور الحياة. من المثير للاهتمام معرفة انه -طالما ان المد البحري يعتمد على مكعب المسافة- اذا ازحت القمر بمقدار ضعف مسافته بعيدا، فسيحتاج الى ثمانية اضعاف حجمه ليمكنه ان يسبب مدا بحريا بنفس القوة. ولكن قمرا بهذا الحجم سيكون قطره ضعف قطر قمرنا الحالي وسوف يبقى مع ذلك قادرا على كسف الشمس على اكمل وجه. ازاحة القمر بعيدا او قريبا: اذا كان المد البحري نفسه، فسوف يبقى القمر بابعاد مثالية لحجب الشمس. اذا كان المد البحري حقا يشجع الحياة، فان عوالم لديها مدا بحريا مشابها لما لدينا سوف تستمتع على الارجح بالكسوف الكلي هي الاخرى. ربما يكون مطاردو الكسوف ذرية شائعة في الكون.
وفي الثواني الاخيرة لإتمام الكسوف، زحفت ظلمة خفيفة عبر السماء من جهة الجنوب. وبسرعة خيم الظلام على الموقع بينما التقطت الكاميرات صور "الخاتم الماسي" حينما اضاء في حافة القمر الشرقية. وفجأة تحولت السماء الى سرداق بنفسجي تخترقه فجوة على شكل هالة سوداء. النوبيون، وهم يرون الكسوف أول مرة، اطلقوا صيحات تعجب متحمسة. لكن اصحاب الخبرة الاكثر في الكسوف تظاهروا بترفع اكثر: "بالاستناد الى استقامة التيارات الاكليلية، فان الماغنيتوهايدروداينمك تبدو هادئة بصورة غير معتادة، الا تعتقد ذلك يا رالف؟".
ان الكسوف الكلي هو امر مُعتبر ومُغر. اذا رأيت احدها، فسوف تتطلع لرؤية المزيد (الفرصة التالية ستكون يوم 1 آب 2008). ولكن لا تتنظر طويلا، فالقمر يبتعد عن الارض بمقدار 1 الى 0.5 انج كل عام. وبهذا المعدل يكون لدينا فقط 500 مليون سنة لمشاهدة الكسوفات. احجز مقعدك للسفر طالما كان ذلك باستطاعتك.

Thursday, May 25, 2006

قصة نشوء وارتقاء .. عمود فقري متطور حمل اسلاف الانسان

عن مجلة ساينس نيوز
ترجمة: علاء غزالة

تدعم عظام العمود الفقري، التي تم اكتشافها في موقع يبلغ عمره قرابة 1.8 مليون سنة في اواسط اسيا، الاحتمالية المثيرة للجدل في ان اسلاف الانسان القديمة تحدثت الى بعضها البعض. يقول الانثروبولوجي مارك ميَر من جامعة بنسلفانيا في فيلادلفيا ان الحفريات التي اجريت عام 2005 في دمانيسي بجورجيا اظهرت 5 فقرات لانسان هومو إريكتوس (Homo erectus).
وقد وقع هذا الاكتشاف في حوض رسوبي سبق وان اكشفت فيه جماجم تنسب الان الى هومو إريكتوس.
الاكتشافات الجديدة تمثل اقدم الفقرات المعروفة للجنس المعروف بـ(هومو Homo) كما اعلن ذلك ميَر في الاجتماع السنوي لجمعية الباليو انثروبولوجي (Paleoanthropology 1) في سان جوان، بورتوريكو. تتكون المتحجرات من فقرة قطنية واحدة وفقرتين بطنيتين وفقرتين عنقيتين.
يقول ميَر: "العمود الفقري من دمانيسي يقع ضمن المدى البشري وكان بامكانه ان يحتضن بسهولة تامة الحبل الشوكي الموجود لدى الانسان المعاصر". ويؤكد على ان المتحجرات، علاوة على ذلك، وفرت اسنادا بنيويا واسعا للعضلات التنفسية المطلوبة لنطق الكلمات. ويلاحظ ميَر ان من المستحيل التأكيد على ان اسلافنا في ما قبل التاريخ قد تكلموا، الا ان انسان هومو إيريكتوس في دمانيسي لم يواجه محددات تنفسية فيما يخص القدرة على الكلام. وقد قام ميَر وزملاؤه -ديفيد لوردكيباندز وابيسالوم فيكوا، وكلاهما من المتحف الوطني الجيورجي في تبليسي- قاموا بمقارنة قياس وشكل وحجم فقرات دمانيسي مع 2200 عظمة مناظرة للبشر والشمبانزي والغوريللا.
وعلى النقيض من ذلك، في عام 1984 اكتشف هيكل عظمي لصبي في كينيا يقدر عمره بـ 1.6 مليون سنة، وتم تعريفه من قبل بعض الباحثين على انه انسان هومو إريكتوس ومن قبل آخرين على انه هومو إرغاستر (Homo ergaster). اظهرت فقرات صغيرة تشبه فقرات الشمبانزي. وشكك الباحثون مبدئيا في ان هذا الصبي القديم، والذي يبدو عموده الفقري صغيرا، يمتلك القدرة التنفسية اللازمة للكلام كما هو حال البشر اليوم.
في الخمسة اعوام الماضية، اقترح المحققون، ومن ضمنهم بروس لاتيمر من متحف كليفلاند للتاريخ الطبيعي، ان صبي ما قبل التاريخ قدم نظرة مضللة عن العمود الفقري لانسان هومو إيريكتوس. لقد جادلوا ان نمو القناة العظمية الذي يغلف عموده الفقري قد تأخر، وتسبب ضغط الحبل الشوكي في اعاقة حركته مما ادى الى ضعف في اعضائه.
ويقول ميَر ان اكتشاف فقرات شبه بشرية في دمانيسي يتواءم مع نظرية لاتيمر. ويقترح ان نقص تغذية الرضيع، والتي تعيق نمو القناة الفقرية البشرية عادة، ربما تكون اصابت الحَدَث من جنس هومو إيريكتوس. ويؤكد ميَر على ان الصبي القديم، والذي توفي عن عشرة اعوام او نحوها، كان يتطلب حماية وامدادات مكثفة.
ويقول الباحث من جامعة بنسلفانيا: "ان كلا من الايثار واللغة المنطوقة ربما كانا جزءا من ادوار سلوكية للانسان من جنس هومو". ويعلق ديفيد فراير من جامعة كنساس في لورانس بان الفقرات ذات المظهر الحديث من دمانيسي تنسجم مع الدراسات السابقة لجماجم احفورية اظهرت ان الانسان هومو البدائي امتلك القدرة على اداء مقاطع صوتية ذات طابع كلامي.
ولكن روبرت مكارثي من جامعة فلوريدا اطلنطا في بوكا راتون لا يوافق على ذلك. في اجتماع الباليو انثروبولوجي قدم اعادة انشاء مقاطع صوتية لاصناف متنوعة من انسان هومو، والتي تقترح ان القدرة على نطق الكلمات كما يفعل الناس اليوم انبثقت حصريا لدى انسان هومو سابين(Homo sapiens) والي50,000 سنة مضت. ويجادل مكارثي ومساعدوه بان جميع اصناف الجنس هومو -بضمنهم هومو سابينز- امتلكوا مجموعة قصيرة من الفقرات العنقية، مما يؤدي الى مقاطع صوتية ذات مدى محدد من اصوات الكلام.
ويجيب ميَر على هذا الطرح بان الكثير من التجمعات السكانية الحاضرة، بضمنها سكان استراليا الاصليون، لديهم فقرات عنقية مشابهة في الطول لهؤلاء الذين اعتبرهم فريق مكارثي غير مؤهلين للكلام المتطور.
(1) الباليو انثروبولوجي، وتسمى احيانا (الانثروبولوجيا الحياتية) هو فرع من الانثروبولوجيا الفيزيائية يعنى بدراسة تطور الانسان، وتتبع الصفات التشريحية والجينية لاسلاف الانسان منذ ملايين السنين وحتى وقتنا الراهن، من خلال الحفريات التي تركتها كالعظام والادوات وطبعات الاقدام. (موسوعة ويكبيديا)

Sunday, May 21, 2006

عناقيد النجوم تخفي اسرار تطور المجموعات النجمية

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

الفلك هو علم المشاهدة. وبخلاف علماء الاحياء او الكيمياء، فان الفلكيين لا يستطيعون التحكم بالاجسام التي يدرسونها. وفي مواجهة سماء المساء التي تبدو مجموعاتها النجمية الهامدة جميعها متطابقة، فان قياس اي شيء يتعلق بنجمة، الكسافة او اللمعان، هو امر صعب.لهذا السبب تحول الفلكيون الى العناقيد النجمية، وهي مجاميع من النجوم تربطها اواصر الجاذبية بعضها الى البعض الاخر، وتكونت جميعها في وقت واحد تقريبا ومن نفس المواد. يقول كارلتون بريور وهو خبير في عناقيد النجوم في جامعة راتجرس بولاية نيوجيرسي: "تكون جميع النجوم في العنقود على مسافة واحدة عنـّا، لذلك يمكنك مقارنة لمعانها بدون ان ينتابك القلق فيما اذا كانت النجمة التي تبدو باهتة هي في الحقيقة شديدة اللمعان ولكنها فقط بعيدة جدا".
مفتوحة وكروية
تعرّف الفلكيون على نوعين من العناقيد النجمية: الكروية والمفتوحة. العناقيد الكروية هي رزم كروية محكمة مكونة من مئات الالاف من النجوم القديمة والتي ولدت في اوائل تشكيل مجرتنا. وعلى النقيض، فان العناقيد المفتوحة تشكلت بصورة غير منتظمة وتتألف من مجموعات نجمية احدث واكثر هشاشة.
لقد التقط المنظار هابل مؤخرا اكثر الصور تفصيلا حتى الان لـNGC265 وNGC290، وهما عنقودان نجميان مفتوحان يبعدان عنـّا مسافة 200,000 سنة ضوئية يقعان في السحب الماجلانية الصغيرة، وهي مجرة قزم تدور حول مجرتنا طريق الحليب (درب التبانة).
هذه الصور تظهر نسيجا مهلهلا من تجمعات نجمية تتباين الوانها من الاحمر الى الازرق. وبينما تكون الالوان متعة للنظر، فانها دلائل مهمة للفلكي يستدل منها على التوزيع العام للنجوم ضمن العنقود. النجوم الزرق هي كبيرة وحارة جدا، بينما تكون النجوم ذات اللون البرتقالي او المحمرة اصغر حجما وابرد.وعلى النقيض من ذلك، تميل العناقيد الكروية الى ان تكون اقل تغايرا، وتتكون بصورة رئيسة من نجوم ميتة او قديمة جدا، اذ انها احدث من الكون نفسه ببضع مئات الملايين من السنين فحسب، والذي يبلغ عمره 13,7 مليار عام. تميل نجوم هذا النوع الى ان تكون اصغر، حيث ان النجوم الكبيرة كلها اما ان تكون قد انفجرت كـ(سوبونوفا) او تقلصت لتتحول الى (اقزام بيض). كما تحتوي العناقيد الكروية على الاقزام الحمر، وهي نجوم صغيرة باهتة يمكن لها ان تستمر في الاحتراق لمليارات السنين.
الاهمية الفلكية لها
لقد ثبت ان للعناقيد النجمية اهمية بالغة في كشف التطور النجمي، وللاجابة عن الاسئلة الاساسية حول الكيفية التي تشكلت بها المجرات، وحتى متى بدأ الكون. يوضح لنا ذلك بريور بالقول: "اذا كنت تريد ان تعرف كيف يكبر الناس، فيمكنك اما ان تراقب شخصا معينا لمدى الحياة، او يمكنك ان ان تتطلع الى توزيع سكاني متباين في الاعمار –من الاطفال الى الشيوخ– وتقارن بينهم".
ولان عمر النجمة قد يستغرق عدة مليارات من السنين، فيتوجب على الفلكيين ان يتبعوا الطريقة الثانية. فهم يراقبون عناقيد النجوم من اعمار مختلفة، من العناقيد الكروية الموغلة في القدم الى العناقيد المفتوحة التي تشكلت حديثا، مرورا بكل شي بينهما، ومن ثم المقارنة بينها. وباستخدام هذه الطريقة، يمكن للباحثين ان يكوّنوا فكرة عن معدل تشكيل النجوم خلال مراحل مختلفة من تطور المجرة، وماهية التركيب الكيميائي في نقاط زمنية مختلفة.
يقول سورين من جامعة لارسون اوترخت في هولندا، وهو من الذين قاموا بتحليل صور هابل الجديدة: "العناقيد الكروية تفتقر الى المعادن بشكل كبير، بينما العناقيد المفتوحة تكون نسبيا غنية بالمعادن. ان هذا يتوافق مع فكرة ان العناقيد الكورية تشكلت في مرحلة مبكرة جدا". في المراحل المبكرة من تطور مجرتنا، يكون الهايدروجين والهيليوم اكثر العناصر الكيميائية وفرة. وحينما قدحت شرارة النجوم واشتعلت فانها انتجت معادن اثقل، ومن ثم انضمت الى النجوم من الاجيال التالية.
حول موقعنا
لقد اعطت العناقيد النجمية مؤشرات اولية للفلكيين بان نظامنا الشمسي لم يكن في منتصف مجرة طريق الحليب، كما كان الاعتقاد سائدا في ثلاثينيات القرن الماضي. ولكنه –في الواقع– يقع في مكان ابعد من ذلك، بالقرب من الحافة.
احد المؤشرات على ذلك يتأتى من ملاحظة ان العناقيد الكروية ليست موزعة بانتظام خلال السماء كما تبدو ليلا.
يوضح ذلك بريور بالقول: "اذا قمت بتسقيط توزيع العناقيد فسوف تكتشف ان جميعها تقريبا تقع في جانب واحد من السماء، وتتركز في مجموعة الرامي او القوس (Sagittarius) في سماء الصيف". ولو كانت مجموعتنا الشمسية في منتصف مجرة طريق الحليب، فان العناقيد الكروية يجب ان تظهر بتوزيع اكثر انتظاما في السماء، طالما انها اكثر الاشياء التي تدور حول مركز المجرة شيوعا.
كما ان العناقيد الكروية اعطت تلميحا مبكرا للفلكيين ان تقديرهم لعمر الكون لم يكن دقيقا. فالحسابات التي اعتمدت بناء على ثابت هابل (Hubble Constant) اقترحت ان عمر الكون هو بحدود 10 مليارات سنة. لكن بعض هذه العناقيد بـدا ان عمره يتراوح بين 12 الى 15 مليار سنة. يقول بريور: "العناقيد الكروية قديمة وتعطينا حدودا لعمر الكون. لا يمكن ان يكون الكون احدث من اقدم عنقود نجمي".

Tuesday, May 16, 2006

فقاعة عملاقة ترهب فضاءنا

space.com
ترجمة: علاء غزالة

حينما تنفجر النجوم في مرحلة السوبرنوفا، فانها تشكل ما يشبه فقاعة عملاقة في الفضاء. ان نظامنا الشمسي مُغلف بمثل هذا التركيب منذ ان حدث انفجار في عهد بعيد. وقد اظهر العلماء الان ان فقاعتنا تتعرض للاغارة والترهيب من قبل فقاعة اخرى في حالة تمدد، كانت قد تشكلت من عدة نجوم سوبرنوفا.
يطلق الفلكيون على فقاعتنا اسم (الفقاعة المحلية)، وهي تشبه شكل الساعة الرملية. ويعتقد الباحثون ان العامل المرهب المعروف باسم (الفقاعة العظمى - الدورة1) هو نتيجة لانفجار عدة نجوم خلال بضعة ملايين من السنين الماضية.
ان حدود الفقاعة العظمى الخارجية تتميز بغاز حار وفي حالة تمدد، كما انه يبعث اشعة سينية منخفضة الطاقة. وهي تتمدد اسرع من الفقاعة المحلية بحيث انها تضغط على منطقة من الغاز البارد الكثيف تعرف بـ(الحائط) وتقع بين (غشائي) الفقاعتين. في الحقيقة، تستنتج الدراسات الحديثة ان هذا التفاعل هو الذي يعطي فقاعتنا (التخصّر) المشابه لشكل الساعة الرملية
لم تكن الملاحظة سهلة باستخدام منظار الفضاء إكس إم إم نيوتن التابع لوكالة الفضاء الأوربية. يقول ميشيل سَبر الباحث في جامعة ليستر: "كان انبعاث الاشعة السينية من الفقاعات ضعيفا جدا. ولكي نتمكن من تحديدها، توجب علينا إزالة كل الضوء من النجوم والسدم والأشعة الكونية التي تؤثر على الصور، لنعزل إشارة الاشعة السينية الضعيفة فقط. ان ذلك يشبه النظر الى حوض مليء بالاسماك، والتركيز على الماء فقط لا على السمك". إنّ كثافة الغاز في خصر الساعة الرملية تبلغ أربعة اضعاف اي مكان آخر على طول (الحائط)، كما يبلغ الضغط ذروته أيضا في تلك المنطقة. تبعد حافة الفقاعة المحلية عن موقعنا في المجرة مسافة 91 سنة ضوئية على الأقل في احد الاتجاهين و358 سنة ضوئية في الاتجاه المقابل، ويبلغ عرض الفقاعة العظمى مقدار 895 سنة ضوئية. ومن المعروف ان السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة وتبلغ حوالي 6 تريليون ميل (10 تريليون كيلومتر).

Sunday, May 07, 2006

آثار اقدام من العصر الحجري .. طبعات الانسان القديم تظهر من تحت السطح

عن مجلة ساينس نيوز
ترجمة: علاءغزالة

تمكن الباحثون الذين يعملون بالقرب من حافة حوض البحيرة الجافة في استراليا الجنوبية من تحقيق قفزة هائلة في الزمن الى الوراء. لقد اكتشفوا اكبر مجموعة من آثار الاقدام البشرية التي تعود للعصر الحجري.
يقول عالم الآثار ستيف ويب من جامعة استراليا بوند في مدينة روبينا ان عدد تلك الآثار بلغ اكثر من 124 طبعة، وهي لاقدام بشرية وبعض الطبعات التي تركتها حيوانات الكنغارو وحيوانات اخرى، ويعود تاريخها الى ما بين 23,000 الى 19,000 سنة مضت. وقد حـُفرت تلك الطبعات في طبقة رقيقة من الوحل المكون من الطين والسلت.
ويرى الجيولوجي ماثيو كوبر من جامعة ملبورن، وهو مشارك في هذه الدراسة، ان تلك الاكتشافات، والتي وجدت في منطقة تتكون من 19 حوض بحيرة تسمى (نظام بحيرات ويلاندرا)، توفر لمحة فريدة عن السلوك والقدرات الفيزيائية لاقوام العصر الحجري المتأخر.
وكانت امرأة من سكان المنطقة قد عثرت على طبعة القدم في آب 2003 عندما كانت تساعد (ويب) في مسح المنطقة. واعتبر (ويب) وزملاؤه ان عوامل التعرية قد اظهرت 89 طبعة قدم. بعد ذلك حفر الباحثون في التربة ليجدوا 35 طبعة قدم اخرى.
ولغرض تقدير العمر، قام الباحثون بتوجيه شعاع ليزري على حبيبات رمل مأخوذة من اعلى واسفل طبقة التربة التي تحمل طبعة القدم. الضوء المنبعث نتيجة هذه العملية وفـّر قياسات للنشاط الاشعاعي المتراكم والذي مكـّن الفريق من حساب عمر الرواسب.
ومن المثير للاهتمام ان هناك 76 طبعة قدم تعود لآثار ثمانية اشخاص مختلفين في الحجم والعمر. ان حجم القدم ومسافة الخطوة، بالمقارنة مع تلك التي يمتلكها السكان الاصليون المعاصرون، تدل على ان ستة بالغين، ضخام الحجم نسبيا، ركضوا في نفس الاتجاه عبر السهل الموحل. كان طول اثنين منهم اكثر من ستة اقدام. الشخصان الاخران، وهما مراهق وطفل، مشيا بنفس الاتجاه العام.
يقول كوبر: "من المحتمل ان هؤلاء الاشخاص كانوا يغامرون بين ضفاف بحيرتين قريبتين. ربما كانوا يتحركون من مخيم مؤقت الى آخر، او لعلهم كانوا في رحلة صيد برية او صيد اسماك". ويؤكد كوبر ان اقوام العصر الحجري اولئك، مهما كانوا يفعلون، فان اضخمهم قد تمكن من الجري بسرعة 12 ميلاً في الساعة (19.2 كيلومتر في بالساعة) بما يتيح المقارنة مع عداء ذي لياقة عالية في الوقت الحاضر. لقد تمكن الباحثون من اجراء هذه الحسابات عن طريق مقارنة مسافة الخطوة لشخص بالغ من فترة ما قبل التاريخ مع معطيات المقارنة لعدائي المسافات ذوي الطول نفسه.
وتظهر قرب طبعة القدم ثلمة دائرية لا يزيد عرضها عن 2 انج (5 سم) وبشكل غير منتظم. ويقترح كوبر ان هذه العلامات قد تكون ناتجة عن نوع ما من الاسلحة او التجهيزات. وهو يضيف ان ظهور حزوز ضحلة تمتد لمسافة تصل الى 15 قدماً (4.5 متر) في بعض المناطق يدل على جـَر اعمدة على الارض.
ويشير بيتر براون وهو عالم انثروبولوجي من جامعة نيو انكلاند في ارميدال باستراليا الى ان الاحفوريات الاقدم والادوات الحجرية المكتشفة تشير الى ان الاقوام قد استوطنوا جنوب شرق استراليا قبل حوالي 40,000 سنة. غير انه ينبـّه الى ان تحديد الاعمار لطبعات الاقدام المكتشفة حديثا هو بحاجة الى التحري من قبل فريق مستقل. يقول براون: "ان اكثر ما يبعث على الدهشة حول طبعات الاقدام في بحيرات ويلاندرا هو انها حـُفظت جميعا".

Wednesday, May 03, 2006

لمحة جديدة حول الاجسام التي قصفت الارض قديما


Space.com
ترجمة: علاء غزالة

اضاف التحديد الزمني لصخور القمر الذي اجري حديثا دليلا آخر الى العدد المتنامي من الادلة التي تشير الى ان الارض والقمر قد تعرضتا الى سيل من النيازك الضخمة خلال فترة زمنية تعود الى حوالي 3.9 مليار عام مضت.
كما مرت على الارض فترة من القصف النيزكي الشديد تسمى فترة "القصف الكثيف المتأخر"، وكان لها مشاركة مهمة في الحياة على الارض، حيث انها تتصادف تقريبا مع الوقت الذي يعتقد العلماء انه شهد ظهور البكتيريا الاولية في كوكبنا.
قام الباحثون بتفحص حوالي 50 عينة من الصخور المنصهرة جمعها رواد الفضاء خلال رحلات ابولو في اواخر الستينيات والسبعينيات. وقد وجدوا، باستخدام تقنيات قياس الاشعاع في تحديد الازمان، ان جميع الصخور -مع استثناءات قليلة- تبلغ من العمر بين 3.8 و4 مليارات من السنين. ان عمر الارض نفسها يبلغ 4.5 مليار سنة.
والاكثر من ذلك ان العديد من النماذج اظهر "بصمة" كيميائية مختلفة، مما يحمل على الظن انها تشكلت من نيازك مختلفة ومن الصخور القمرية. يقول روبرت دنكان، من جامعة ولاية اوريغان: "الدليل واضح بانه كانت هناك موجات قصف نيزكي متكررة".
النيازك تؤثر على الارض كذلك
ما عليك سوى النظر الى القمر لترى انه قد اصيب بكثافة. ان جميع الفوهات المشاهدة هي سجل لضربات سابقة، وما لم تـُمحَ الفوهة بضربة لاحقة اكبر فانها تبقى نسبيا بدون تغيير، لان القمر لا يمتلك غلافا جويا يؤثر عليها، والنشاط الداخلي كالبراكين والزلازل قليل فيه. ان مثل هذا النشاط يعمل على تغيير وجه الارض بصورة مستمرة.
يقول العلماء ان اي نشاط نيزكي أثر فيما مضى في القمر فانه أثر في الارض ايضا. ولكن الادلة من الكون الخارجي على " القصف الكثيف المتأخر" شحيحة جدا. يقول دونكان: "لسوء الحظ، لم نستطع العثور على الكثير من الصخور الموغلة في القدم على الارض لان سطح الكوكب يتجدد باستمرار عن طريق نشاط الصفائح التكتونية (المسببة للزلازل)، اضافة الى عوامل التعرية". على كل حال، اكتشف الباحثون في عام 2002 نسخة من عنصر التنكستن في صخور رسوبية بكمية لا تتوفر عادة على الارض. يُعتقد ان هذا التنكستن هو من اصل كوني ويقدر عمره بحوالي 3.7 مليار سنة، او اكثر.
المشاركة في صنع الحياة
ان سطح القمر المغطى بالفوهات هو دلالة على ان الارض كانت تتعرض للاغارة بسيل ثابت من النيازك -يبلغ قطر بعضها 6 أميال (9.6 كيلومتر)- لفترة تبلغ 100 مليون سنة. ان اي شكل من اشكال الحياة كان موجودا او في حالة تطور على الارض في ذلك الوقت كان معرضا لخطر مستمر للزوال من الوجود.
من المحتمل ان الحياة ظهرت بعد ان خفت وطأة القصف. اما اذا كانت قد بدأت قبل ذلك، فانها من الممكن ان تكون قد تعرضت للتشويش او البدء من جديد بسبب وابل النيازك المنهمرة بكثافة.
يقول دنكان: "يمكن ان تكون الحياة قد اتخذت لها ملجأ في عمق الفوهات او الشقوق، او انها كانت في عمق المحيط. ولكن الارض كانت مكانا بائسا للعيش. لقد تعرض القمر للقصف بشكل مستمر من خلال هذه العملية، ومن الصعب التخيل ان الحياة، اذا كانت قد بدأت قبل هذا الزمن على الارض، يمكن لها ان تنجو". يقول دنكان واخرون ان هناك احتمالية اخرى مثيرة، تكمن في ان النيازك بدلا من ان تكون مركبات الموت والدمار، فانها يمكن ان تكون جلبت الحياة، او الجزيئات المهمة التي ادت الى نشوء الحياة على الارض.
الاصول تبقى غامضة
ان سبب "القصف الكثيف المتأخر" يبقى سرا غامضا. لكن العلماء قد جاءوا بتفسيرات خلاقة لما يمكن ان يكون عليه هذا الحدث المنشط. يقول دنكان: "من الممكن ان تصادما حصل بين الكوكب العاشر والحادي عشر. او هناك احتمال ان الطبقة الخارجية من نبتون قد بعثرت مذنبات وقطعا صغيرة من اجسام الكواكب، مسببة تصادمات في الحزام النيزكي. ان مرور نجم مجاور بشكل قريب كان يمكن له ان يحدث مثل هذا التأثير".
بينما يفترض علماء اخرون ان المسؤول عن ذلك هو زوغان العالم الكوني الخامس المسمى "الكوكب الخامس" (Planet V). يفترض ان هذا الكوكب النظري قد تشكل جنبا الى جنب مع عطارد والزهرة والارض والمريخ، ولكن الشمس ابتلعته فيما بعد، وذلك قبل مدة طويلة.
وقبل ان يتحطم الكوكب الخامس، على كل حال، فانه يمكن ان يكون قد شوش الجزء الداخلي من الحزام النيزكي بين المريخ والمشتري بسبب مداره الشاذ جدا. محتمل ان ذلك سبب زيادة كبيرة في عدد الاجسام التي تقطع مسار الارض والقمر، حسبما تذهب اليه النظرية.
وتورد نظرية جامحة اخرى انه قبل اربعة مليارات من السنين دخل مدارا المشتري وزحل في حالة رنين متزامن (synchronous resonance ) والتي قذفت بعيدا مدارات الكواكب الاخرى والكواكب الحديثة التكوين، مما احدث حالة مؤقتة من الفوضى في داخل النظام الشمسي. مهما يكن الامر فان جميع هذه السيناريوهات هي مجرد تأملات.

Tuesday, May 02, 2006

تبديل الرؤية: نظارات الكترونية يمكنها مساعدة عيون المسنين

عن مجلة ساينس نيوز
ترجمة: علاء غزالة

قد يحيل نوع جديد من النظارات الطبية، التي يمكن تعديل بؤرتها الكترونيا، النظارات ثنائية البؤرة ونظارات القراءة الى مجرد تاريخ بائد في يوم ما، كما يدعي مخترعو هذا الجهاز. لقد صنع الباحثون، حتى الان، نموذجا يعمل بالبطارية مع بؤرة قادرة على التذبذب بين وضع اشتغال واطفاء بواسطة مفتاح.
النسخ المستقبلية من هذه النظارات قد تضم متحسسات تستخدم لتعديل البؤرة الكترونيا حسب تغيّر هدف الناظر بين المسافة القريبة والبعيدة. هذا ما أكده احد مخترعي هذه الاداة، المهندس ديفيد ماثين من جامعة اريزونا.
ان معظم الاشخاص الذين هم في اواخر الاربعينيات من العمر لا يستطيعون التركيز على الاجسام القريبة. يسمى هذا الانحراف البصري (بصر الشيخوخة presbyopia). وتخطط شركة بكسل اوبتكس لصنع نسخة تجارية من النظارات ذات التعديل الالكتروني لتسويقها على الاشخاص المصابين بـ(بصر الشيخوخة)، والذين يستعملون تقليديا العدسات ثنائية البؤرة او ثلاثية البؤرة او المتدرجة. واستنادا الى موقع الشركة الالكتروني فان نحو 50 مليون انسان في ارجاء المعمورة يصبحون في حالة (بصر الشيخوخة) كل عام.
يشير ماثين الى ان جزءا من العدسات ثنائية البؤرة يبقى غير مركز ضمن المسافة موضع الاهتمام خلال اي زمن معطى. ولكن في النظارات الجديدة فان جميع العدسة سوف تتحول الى التركيز المطلوب. وهو يقول: "على سبيل المثال، اذا كنت ترغب في رؤية قريبة، فلن يكون عليك النظر من خلال الجزء السفلي للعدسات، بل لديك كل العدسات للرؤية".
لعمل عدسات قابلة للتعديل الكترونيا، قام الباحثون بصناعة لوحين زجاجيين يحتويان بينهما طبقة من سائل تبلغ سماكته 5 مايكرومتر. وتتكون مادة الاملاء هذه من مادة شفافة على شكل سائل بلوري هو عبارة عن جزيئات على هيئة قضبان شـُكلت في حالة سائلة. استخدم فريق العمل الطريقة المتبعة في صناعة الشريحة الحاسوبية الدقيقة لتطبيق شكل تحدب العين على اقطاب شفافة في السطح الداخلي لاحد اللوحين الزجاجيين.
ويوضح (جوكاينغ لي)، من جامعة اريزونا، واحد اعضاء فريق التطوير، ذلك بان القضبان البلورية السائلة تدور في تنظيم جديد كاستجابة للفولتية الموجهة عبر هذه الاقطاب. ان ترتيب القضبان يحدد السرعة التي يمر بها الضوء خلال طبقة السائل البلوري. تنحني اشعة الضوء في اثناء عبورها هذه الطبقة مما يؤدي الى حصول تركيز اكثر بكثير مما لو مرت من خلال العدسات الاعتيادية.
يقول (لي) ان علماء اخرين صنعوا في الماضي عدسات موجهة الكترونيا من السوائل البلورية والتي تستخدم، على سبيل المثال، لتوجيه شعاع ليزري، او لتبديل تركيز ادوات القراءة في اجهزة الذاكرة البصرية. على كل حال، العدسات التي تستخدم السوائل البلورية لا يمكنها التركيز بشكل كاف كما لا يمكنها تغيير التركيز بالسرعة الكافية ليمكن استخدامها في النظارات.
يقول شوليانغ جياو من جامعة ميامي، كلية الطب، وهو غير مشارك في هذا البحث: "ان هذه العدسات المطورة حديثا هي العدسات الوحيدة المكيفة والتي تـُعد عملية لمرضى (بصر الشيخوخة)". بينما يقول دوايت داستن، رئيس البحوث والتطوير في شركة بيكسل اوبتكس ان الشركة تخطط لصنع نسخة من النظارات تمكن الناس من الحصول على رؤية افضل حتى من درجة (6/6) الاعتيادية.