Thursday, August 17, 2006

الفلكيون يفاجأون بمقدار تطور ابعد عنقود مجرات

space.com
ترجمة: علاء غزالة

تـُظهر صورة كونية جديدة نقطة شبحية زرقاء وسط محيط من النقاط الحمر، وما هي الا غاز شديد الحرارة داخل مجرة متغلغلا في الفضاء خلال اكثر عناقيد المجرات المكتشفة لحد الان بعدا عنا. ركز المكتشفون انظارهم على العنقود XMMXCS 2215-1738-، والذي يقع على بعد 10 مليارات سنة ضوئية، لاقتناص لمحة مشوقة عن المراحل الاولى في التكوين.
اكتشفت المجرات المنفردة على مسافات ابعد. ولكن العنقود المكتشف حديثا يحتوي على بضعة مئات من المجرات مرتبطة مع بعضها البعض بقوى جاذبية متبادلة. وقد تم اعلان هذه المكتشفات في الاجتماع الـ208 لجمعية الفلكيين الامريكية.

حديث وقديم
السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في سنة، وهذا يعني ان الضوء القادم من هذا العنقود قد استغرق 10 مليارات سنة للوصول الينا. وبما ان عمر الكون يقدر بـ 13.7 مليار سنة، فان العنقود الذي تم تسجيله لابد وان يكون قد تشكل عندما كان الكون يافعا.
ويلاحظ ادم ستانفورد، وهو احد اعضاء الفريق الذي قام بالكشف، بدهشة: "مما لدينا يبدو ان هذا العنقود البعيد ممتليء بالنجوم القديمة". ويقول ستانفورد وزملاؤه ان الكتلة الكلية للعنقود هي بما يكفي لاحتواء 500 ترليون نجمة ذات كتلة تعادل كتلة شمسنا. يقول ستانفورد، وهو باحث في جامعة كاليفورنيا، ان هذه هي كتلة نجمية غير متوقعة بالنسبة لعنقود من المجرات يمكن ان تكون قد وصلت اليها في تلك الفترة المبكرة من تطور الكون.

مكتشفات (ساخنة)
ستانفورد واعضاء فريق مسح العنقود XMM الاخرون، وهم فريق دولي من الفلكيين، توصلوا الى اكتشافهم بضم نتائج الملاحظة عن طريق القمر الصناعي الاوربي نيوتن متعدد المرايا والعامل باشعة اكس، مع الملاحظات البصرية المأخوذة من المرقب كيكKeck في مونا كيا بهاواي الذي تبلغ قطر مرآته العاكسة عشرة امتار.
يقول احد اعضاء الفريق، روبرت نيكول وهو من جامعة بورتسموث في انكلترا ان الغاز المتداخل في المجرات ضمن العنقود الذي تم تسجيله يشع طاقة قوية جدا من اشعة اكس، بدرجة حرارة تبلغ عشرة ملايين درجة مئوية. ويضيف ان ذلك هو ما جعل اكتشاف هذا العنقود على هذه المسافة ممكنا. وهو ما يجعل تلك المكتشفات (ساخنة) بكل معنى الكلمة طالما انه العنقود الاكثر سخونة على الاطلاق الذي تم العثور عليه لحد الان في مسافة قصية جدا.
ولكن المكتشفات لا تنتهي عند هذا الحد. فنيكول يقول انه ضمن الرقعة من الكون التي يغطيها فريق مسح العناقيد فانهم يرون لمحات لما يزيد على 1600 عنقود مجرات اضافية بانتظار تأكيد وجودها ودراستها بالتفصيل. يقول نيكول: "العدد الكلي من العناقيد يعتمد على كمية المادة السوداء هناك. لذلك فان هذا سيعطينا قياسا رائعا عن كمية المادة السوداء في الكون". والمادة السوداء هي المادة الغامضة التي يقول الفلكييون انها لابد ان تكون موجودة، استنادا الى حقيقة انه لا توجد مادة اعتيادية كافية في المجرات لمنعها من التشتت وتقطع اوصالها.

اكتشافات اخرى
يقول ستانفورد ان عناقيد المجرات شديدة البعد كتلك تمنح الفلكيين فرصة عظيمة "لدراسة تكوين المجرات كما كانت تبدو في المراحل الاولى من عمرها الزمني". كما ان ستانفورد هو عضو في فريق آخر لدراسة عنقود مجرات قدّم نتائجه في نفس الاجتماع. وقد استخدم هذا الفريق، تحت قيادة مارك برودوين من وكالة الفضاء الامريكية، مرقاب سبيتزر لاكتشاف قرابة 300 عنقود ومجموعة مجرات ("مجموعة" المجرات تحتوي على مكونات اكثر قليلا من التي تتوفر في العنقود المجري المتوسط). ان ما يزيد على المئة من تلك العناقيد المكتشفة يقع على بعد هائل يزيد على ثمانية مليارات سنة ضوئية.
يوضح برودوين: "ان مرقاب سبيتزر قادر على رؤية الاشعاع الحراري لهذه العناقيد المجرية بشكل موجات تحت الحمراء. سوف نكون قادرين الان على استخدام عناقيد المجرات تلك كنموذج مختبري ضخم لدراسة تطور الكون".

Wednesday, August 09, 2006

البحث عن الحياة الذكية معتقدات ام وقائع؟

كتابة: ديفيد دارلنغ
عن موقع: space.com
ترجمة: علاء غزالة

هل البحث عن الحياة الذكية خارج الارض هو دين بحد ذاته؟ هناك ادعاء طرحه جورج باساللا (استاذ التاريخ في جامعة ديلاوير) في كتابه الموسوم (الحياة المتمدنة في الكون) والذي يقول ان البحث عن الحياة الذكية انما هو مشروع يقوم على الاعتقاد اكثر من كونه علماً اصيلاً. وقد اشار الى فشل محاولات الباحثين في "الاتصال" لما يزيد على اربعين عاما من الجهود المستمرة، وغياب اي دليل ايجابي، مستدلا على انها تعتمد على نوع من الحماسة الدينية اكثر من اي شيء آخر.
قبل كل شيء نحن نعلم ان هناك ذكاء في الكون. هناك الدلافين والقرود العظيمة. ويمكن ان تضع الهومو سابينز Homo sapiens في ذلك الخليط من المصادفات النادرة، اذ بقينا لحين اعلان جنسنا عن اسمه. ليس من غير المنطقي الافتراض بانه اذا كان الذكاء قد حلّ في كوكب واحد، فمن المحتمل ان يكون قد ظهر في مكان آخر، خصوصا اذا ما اخذ بنظر الاعتبار العدد الهائل من النجوم في هذه المجرة والمجرات الاخرى. يعمل البحث عن الحياة الذكية كأختبار لهذه الفرضيات. ولكن فيما وراء ذلك يكمن احد انبل واكثر الاسئلة العلمية اثارة: اكتشاف فيما اذا كنا لوحدنا ونمثل قيمة عالية في الذكاء والتقنية في الكون، او عوضا عن ذلك، اننا ببساطة عنصر واحد في مجتمع الاعراق الذكية، والتي ربما يكون العديد منها اقدم واكثر تطورا منا بكثير.
تتميز الاديان بعاملين رئيسين: اولهما العبادة –بعبارة اخرى نوع من نظام تكريس موجه نحو كائن اسمى (او اكثر) فوق الطبيعي– وثانيهما الايمان بغياب الدليل المادي. وعلى هذا فان (البحث عن الحياة الذكية) غير مؤهل لان يكون دِينا لافتقاره كلا العاملين. ما لم اكن مخطئأ بشكل كبير، ليس من بين الباحثين عن الحياة الذكية من يقدم صلواته الى موضوع سؤاله (او سؤالها)، رغم انه من المذهل معرفة العادات الروحية التي ربما تكون قد نمت في حضارات النجوم الاخرى. اما الايمان الذي يعتور الباحثين عن الحياة الذكية فهو نوع من "الايمان" غير الديني الذي ينصاع له كل عالم: الايمان بالطرق العلمية، الادوات المستخدمة، عملية المراجعة من قبل جميع القرناء المهمين، وهكذا. وكما ذكرت فاننا نمتلك فعلا ادلة مادية على وجود الحياة الذكية في الكون: انها تتألف من العقول التي تستخدمونها انتم الان لاستيعاب هذه الافكار. بخلاف الدين الذي يقوم على الايمان النقي بوجود الله، فنحن لسنا بحاجة للايمان بان الذكاء والتقنية موجودة.
للتعامل مع حجة باساللا، لقد ازف الوقت لدعاة (البحث عن الحياة الذكية) لتقليل توقعاتهم وحتى الاعتراف انهم يطاردون (وزة برية). اود ان اشير الى توازٍ مع البحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية، تلك العوالم التي تدور حول نجوم اخرى. فحتى وقت قريب لم نكن نملك دليلا على وجود كواكب خارج مجموعتنا الشمسية، فقد كانت تلك مجرد نظرية تشبه نظرية وجود حياة ذكية خارج الارض. في ثلاثينيات القرن الماضي نـُحي جانبا البحث العملي الرائد الذي قام به الفلكي الامريكي-الهولندي (بيتر فان در كامب). فعلى الرغم من انه جمع بيانات بدت وكأنها تقترح ان هناك عوالم تدور حول نجم برناردزBarnard's Star ونجوم قريبة اخرى، الا انه ثبت ان هذه الادلة كانت بلا اساس (بعضها كان بسبب تذبذب ضئيل في المنظار الذي كان يستعمله). فقط في التسعينيات، بعد مرور ستين عاما على بدء بحوث (فان در كامب)، وجد العلماء دليلا قاطعا على وجود كواكب اخرى هناك. خلال العقد الماضي او نحوه تم اكتشاف اكثر من 180 كوكباً خارج المجموعة الشمسية.
اذا كان لنا ان نتبع خط باساللا في التعليل، فان البحث عن الكواكب خارج المجموعة الشمسية يمكن ايضا اعتباره نوعا من الدين. الم يكن الاحرى بنا الاستسلام بعد اربعة عقود من البحث؟ ان هذه المدة الزمنية كافية بالتأكيد لايجاد شيء ما اذا كان موجودا فعلا. اليس الاستمرار في تلك البحوث بعد ذلك اشارة الى ان الايمان في غير محله واغراق في التفاؤل؟ لحسن الحظ البحث استمر فعلا ونحن الان نحصد الجوائز: كواكب جديدة تملأ الجيب.
من الناحية التاريخية، اتخذ التساؤل في ما اذا كانت الكواكب خارج المجموعة الشمسية موجودة، واذا كانت كذلك ما مدى شيوعها وما هو شكلها، اتخذ منحى موازيا بشكل يثير الاهتمام للقضية المركزية في (البحث عن الحياة الذكية). لقد كانت هناك نظريتان حول اصل الكواكب في المجموعة الشمسية. الاولى تسمى فرضية الكارثة catastrophic hypothesis. وهي تقترح ان الكواكب تشكلت، نتيجة اصطدام قريب بين الشمس ونجم آخر، من سديم غازي انفصل عن الشمس بواسطة النجمة الدخيلة. اذا كان ذلك هو ما حصل، فان النظام الكوكبي يتوقع ان يكون نادرا جدا لان مثل هذه التصادمات بين النجوم لا تحدث مطلقا. النظرية المنافسة حول تشكيل الكواكب هي فرضية الغمامة nebular hypothesis تحتج بان كواكب المجموعة الشمسية تكتلت من سحابة من الغاز والغبار هي بقايا حقبة تشكيل الشمس. تقترح نظرية الغمامة ان ولادة الكواكب قد يكون عملا روتينيا خلال الكون. بالطبع، هذه النظرية في صيغتها المحدثة هي التي يعتقد بها الفلكيون اليوم، والتي أكدها بشكل جيد اكتشاف عدد غفير من الكواكب الاخرى.
مناظرة التوازي مستمرة في (البحث عن الحياة الذكية)، وفي علم الحياة الفلكي، في مدى توافر الحياة الاولية كالبكتريا والتي تنذر بوجود حياة معقدة، متعددة الخلايا، وفي الحد الاقصى حياة ذكية متطورة. القائلون بنظرية "الارض النادرة" يعتقدون ان ذلك نادر جدا جدا. آخرون، وانا من بينهم، يعتقدون ان الذكاء يقدم ميزات نجاة كبيرة، والتي سوف تـُستغل كلما اتيحت لها فرصة منطقية. ان (البحث عن الحياة الذكية) هو الخطوة الاولى لحل هذه القضية. ولكن لايزال امامه طريق طويل ليجتازه. التنبؤ بمدى التطور الذي وصل اليه الذكاء هو عمل ينطوي على الخطورة. ليس لدينا الكثير لنسير عليه. ما نعرفه انه حالما تحِلّ التقنية العالية فان التطور يكون سريعا بشكل هائل، وغير متوقع تقريبا. هل لدى اي احد فكرة عن التطور الذي سيصل اليه الانترنت او الهندسة الجينية خلال السنوات العشر او العشرين او الخمسين القادمة؟ فكيف بالمليون سنة القادمة؟
يعرف الباحثون عن الحياة الذكية محدداتهم. فهم محددون في الوقت الحاضر بالبحث عن الاشارات الراديوية والبصرية، وهي –بالنسبة لنا– افضل الوسائل واسرعها في تلقي الرسائل عبر المسافات النجمية. من يعلم ماذا يستعمل شيوخنا وكبراؤنا في المجرات، اذا كانوا موجودين، كوسائل للاتصال؟ ليست لدينا اية فكرة ماذا يوجد هناك او اية اشكال غريبة للذكاء يمكن ان تتخذ. نحن اشبه بكولمبس وهو يبحر في مياه غير مستكشفة. نحن لا نعلم ماذا سنجد. ولكن المهمة هي غير اعتيادية ومشوقة وتستحق العناء، وهي حقيقية لمنهجية وروح العلم.

Tuesday, August 08, 2006

مدمر الجراثيم: عقار عجيب يقتل البكتريا العنيدة

عن: مجلة ساينس نيوز
ترجمة : علاء غزالة

تظهر النتائج المختبرية ان مركبا تم التعرف عليه حديثا يمتلك القدرة على استئصال بعض من اكثر انواع البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية ازعاجا. يعمل العقار عن طريق تدمير منتجات هذه الجراثيم من الحوامض الزيتية. اكتشف المركب علماء في مختبرات ميرك البحثية في راهوي، نيوجيرسي، واطلقوا عليه تسمية بلاتينسيميسن platensimycin. يقول إيرك براون وهو متخصص بالاحياء الدقيقة في جامعة مكماستر في هاميلتون بولاية اونتاريو، ان هذه النتائج هي اولية ولكنها مثيرة للاهتمام، مضيفا: "هذه انباء واعدة في ميدان طالما اعتبر مخيبا للامال". طبقا للمعطيات التي قدمها مركز السيطرة على الامراض والوقاية منها في اطلنطا، فان ما يقارب 90.000 شخص في الولايات المتحدة يصابون بالتهابات قاتلة في المستشفيات كل سنة. ان معظم المضادات الحيوية قد تم تطويرها خلال الخمسين سنة الماضية. وتلك التي صنعت حديثا هي في الغالب نسخ عن المضادات القديمة وتقوم بمهاجمة جدار الخلية البكتيرية، او آلية صناعة مادتها الوراثية DNA او بروتيناتها.
وقد قام شيو سينو، وهو كيميائي في مختبرات ميرك، وزملاؤه بفحص ما يقارب 250.000 مركب طبيعي في بحثهم عن مضادات فعالة ضد البكتيريا. يقول بروان ان هذه الطريقة تعد منطقية لان العضويات في الطبيعة "هي باستمرار في حالة حرب بعضها مع البعض الاخر". ويلاحظ ان المركبات الطبيعية تعمل بشكل جيد كأدوية لانها تستهدف نقاط ضعف محددة في العضويات المنافسة لها. وقد ادى البحث إلى اكتشاف البلاتنسيميسن، وهو جزيء صغير تنتجه بكتريا اسمها ستربتوميسز بلاتينسيز Streptomyces platensis. وتعيش هذه الجرثومة طبيعيا في التربة في جنوب افريقيا.
وقد وثق الباحثون في مجلة الطبيعة Nature، ان البلاتنسيميسن قد قضى على مستعمرات زرعت في صحون مختبرية لبكتريا المكورات العنقودية staphylococcus والبكتريا المعوية enterococcus والتي تقاوم ادوية مثل فانكومايسين vancomycin وميثيسيلين methicillin. وحينما اعطى الباحثون جرعات مستمرة من هذا الدواء إلى الفئران فانه قضى على المكورات العنقودية، ولم تعد مقاومة للدواء.
البلاتنسيميسن ذو هيكلية مختلفة عن باقي المضادات الحيوية. فهو، على عكس تلك الادوية، يحتوي انزيما يسمى فاب أف FabF ويجعله متعادلا. وهذا الانزيم تستخدمه البكتريا لصنع الاحماض الزيتية. يقول براون ان: "البلاتنسيميسن موجود اصلا في الطبيعة من اجل انجاز هذه المهمة. لقد كان هذا استكشافا طيبا في مختبرات ميرك".
الاحماض الزيتية اساسية لبناء وصيانة العضو الذي يخط جدار خلية البكتريا. يقول جارلس روك، وهو كيمياء-حياتي في مستشفى القديس جود في مدنية ممفيس بولاية تنيسي، ان انزيم فاب أف يختلف عن الانزيمات المشابهة في الثدييات، ويقترح ان البلاتنسيميسن لن يعطل انتاج الاحماض الزيتية لدى البشر.
ويشير روك إلى ان هذا هو المركب الطبيعي الرابع الذي وجد انه يستهدف فاب أف وبهذه الدرجة من القوة، مضيفا: "الطبيعة تخبرنا المرة تلو الاخرى اننا اذا اردنا ان نتتبع البكتريا فعلينا تتبع هذا الانزيم". يقول ستيفن بروجان، وهو مختص بالاحياء الدقيقة في كلية ويث للصيدلة بجامعة كامبردج بولاية ماساشوستس: "ان بحثنا وقتا كافيا وبذلنا جهدا مناسبا، فسوف نجد مانعات الاحماض الزيتية تلك". ولكنه يحذر ان فريق ميرك وجد من الضروري ان يتم اعطاء الدواء لفئران التجارب، حيث ان البلاتنسيميسن ربما يتم ايضه لدى البشر بسرعة، مما يجعله مرشحا غير جيد لتجربة هذا الدواء. ومع ذلك يقول بروجان ان الدراسة تظهر ان اخراج عملية تكوين الاحماض الزيتية عن مسارها يمكن ان يقتل البكتريا.
يقول بروان ان المكتشفات الجديدة "تذهب إلى حد ان اظهار مدى ذكاء الطبيعة الخارق في ايقاف فعالية الانزيم". وعلى الرغم من النتائج الباهرة، فان علماء ميرك لا يعلقون على ما اذا كانت الشركة سوف تستأنف المزيد من البحوث حول البلاتنسيميسن.

Thursday, August 03, 2006

التوصل الى آلية الحساسية تجاه الطعام

sciencedaily.com
ترجمة: علاء غزالة

تمكن الباحثون من تعريف احد البروتينات الذي قد يكون مسؤولا عن التسبب بحساسية الطعام، الامر الذي قد يقود الى تطوير التجارب التي لا تعتمد على اختراق الانسجة لزيادة الدقة في التعرف على حساسية الاطعمة الحقيقية، استنادا الى دراسة نشرت في عدد تموز من مجلة (الجهاز الهضمي Gastroenterology)، وهي مجلة مخصصة لاعضاء الجمعية الامريكية لاختصاصيي الجهاز الهضمي.
تقدم حساسية الاطعمة عادة مشكلة فريدة من نوعها حيث انه لا يتوافر لدى كل مريض مستوى يمكن قياسه من الاجسام المناعية نوع E في مصل الدم، خصوصا المرضى الذين لديهم حساسية متأخرة. ان عددا من طرق الاختبار الموثوقة متوفرة للطعام ولانواع الحساسية الاخرى، بضمنها الاختبارات الجلدية واختبار مصل الدم للاجسام المناعية نوع E. على كل حال، قد لا تشخص هذه الاختبارات حساسية الاطعمة بدقة. يعتبر اختبار الطعام الفموي الاكثر دقة لقياس حساسية الطعام ولكنه مكلف جدا اداريا، ويتطلب ظروفا مسيطر عليها. الجسم المناعي نوع E هو عبارة عن بروتين تنتجه خلايا البلازما (او خلايا B وهي ونوع من كريات الدم البيض) مهمته السيطرة على الاستجابة المناعية لخلايا الدم، وذلك بتجميع السوائل التي تنتجها تلك الخلايا حول مواد تم تعريفها على انها غريبة عن الجسم. وهذه الدراسة، والتي تمت في كلية طب ماونت سيناي، نيويورك، اظهرت للمرة الاولى ان البروتين CD23، الذي يتواجد طبيعيا في منطقة الامعاء، يقوم بدور المتحسس للاجسام المناعية نوع E وهي بروتينات مرتبطة برد الفعل التحسسي، وتمكنها من المشاركة في رد الفعل المتسم بالحساسية للطعام.
تقول الدكتورة سيسيليا بيرين، وهي استاذ مساعد في هذه الكلية ومسؤولة الدراسة: "نحن نعتقد ان وجود CD23 قد يوفر طريقة بديلة عن طريق فحص القناة الهضمية بدون اجراء اختبارات الاختراق مثل اختبار نزع الانسجة". اظهرت نتائج الدراسة ان CD23 يمكن ان يتواجد في نماذج الغائط من مرضى حساسية الطعام، ولكن ليس في عينة السيطرة، مما يقترح اما زيادة في مستويات CD23 في الخلايا المعوية، او تفكك الـ CD23 بفعل مهيجات الحساسية لدى مرضى حساسية الطعام. بالاضافة الى ذلك، وجد الباحثون ارتباطا قويا بين مستوى CD23 والاجسام المناعية نوع E المخصصة للطعام، بما يظهر توفر الاجسام المناعية نوع E للتفاعل مع CD23 خارج سطح جدار الامعاء الدقيقة.
جمع الباحثون عينات الغائط من تسعة اطفال مرضى (بعمر يتراوح بين ثلاثة الى 17 سنة) من الذين خضعوا لفحوصات الطعام الفموي والتي تم اعطائهم خلالها اما البيض او الحليب في ظروف مسيطر عليها. جميع المرضى لديهم تاريخ في التحسس لهذه الاطعمة وتفاعلوا ايجابيا من خلال طرق الفحص الاخرى. ظهرت الاعراض لديهم خلال ساعتين بعد تناول الطعام وتضمنت طفح جلدي، او مصاعب في التنفس، او مشاكل في الامعاء، او خليطا من هذه الاعراض. تمت مقارنتهم مع عينة سيطرة مكونة من خمسة اطفال ليس لديهم تحسس للاطعمة.
تقول د. بيرين: "استنادا الى نتائج دراستنا، ننوي ان نجري تجارب اوسع على المرضى الذين لديهم خلل في التحسس للطعام لمعرفة كيف يرتبط CD23 في الغائط مع المكتشفات السريرية. نحن نأمل في التوصل الى ان CD23 يقدم هدفا واعدا حول التحسس للاطعمة يقود الى دقة اكبر وسهولة اكثر في اجراء الفحوصات على هؤلاء المرضى".
يقدر بان حوالي اربعة الى ستة بالمائة من الاطفال الامريكيين دون الرابعة من العمر وما يقرب من اثنين بالمائة من البالغين مصابون بحساسية ضد الطعام، استنادا الى المعهد الوطني للحساسية والامراض المعدية. ويقدر واضعوا الدراسة بان 3.5 – 4 بالمائة من حساسية الاطعمة هذه هي بوساطة الاجسام المناعية نوع E. وبينما يعتقد الكثير من الناس بان لديهم حساسية للطعام، فان غالبية الافراد يعانون من (التعصب) الغذائي.
الحساسية للطعام هي استجابة مناعية مبالغ فيها والتي يقوم الجسم خلالها بانتاج الهستامين والاجسام المناعية والتي تؤدي الى ظهور اعراض في الجهاز الهضمي والمجاري التنفسية والجلد وفي الحالات الاكثر شدة تسبب صدمة انافيلاكتيك anaphylactic shock وهو رد فعل عام وقاتل. هذه الحساسيات تصنف عادة في شكل آلام في منطقة البطن، والاسهال، والغثيان، والطفح الجلدي، وتعرق الاجفان والوجه والشفاه واللسان، قصور في التنفس او الزفير، صعوبة في البلع، من بين اعراض اخرى كثيرة. اكثر مسببات الحساسية شيوعا هي الفستق وطلع الاشجار وقشور السمك والسمك نفسه والدقيق والحليب.

الكشف عن مجرّة المرأة المسلسلة

space.com
ترجمة: علاء غزالة

ادى سيل الصور الجديدة من المراقيب الفضائية والارضية إلى تحسين افكار الفلكيين حول المجرة التي تجاور مجرة طريق الحليب (درب التبانة) وتدعى المرأة المسلسلة Andromeda. تم التقاط الصور بواسطة مرقاب وكالة الفضاء الامريكية ناسا NASA الفضائي المسمى سبيتزر اند جاندرا ومرقاب جيميني نورث المنصوب على مونا كيا في هاواي.
تكشف الصور عن تفاصيل جديدة للانتفاخ المركزي والقرص الداخلي، وتحدق ايضا في منطقة قلب المجرة للكشف عن مصدر نبضات الضوء الغامضة. وفي هذه الاثناء تعمل لوحة فسيفسائية تم تشكيلها من آلاف من الصور المنفردة على تجسيد الكمية الكلية للاشعة تحت الحمراء المنبعثة من المجرة بما يسمح للفلكيين حساب "وزن" مجرة المرأة المسلسلة وحساب عدد النجوم التي تتشكل في المجرة كل يوم.
خاط الباحثون ما يزيد على 3000 صورة منفردة ملتقطة بواسطة سبيتزر بالاشعة تحت الحمراء مع بعضها لانتاج سلسلة من الصور الفسيفسائية والتي تعزل النجوم القديمة في مجرة المرأة المسلسلة عن الحجاب السميك من الغبار والغاز الذي يلف جميع المجرة. تشبه صور النجوم القديمة لطخة زرقاء رقيقة بينما تمثل صور الغبار والغاز حلقات متمركزة من النار.
وتسمح الصور مجتمعة للباحثين بقياس الكمية الكلية من الاشعة تحت الحمراء المنبعثة من المرأة المسلسلة وتبلغ مقدار اربعة مليارات مرة بقدر الشمس. ان كمية الضوء التي تعطيها النجمة تتوقف على كتلتها، وعلى هذا يخمن الباحثون ان الكتلة الكلية لجميع النجوم في المرأة المسلسلة يعادل ما يقارب 110 مليارات شمس. ولان معظم النجوم في الكون هي (اقزام حمر) التي تكون كتلتها اقل من كتلة الشمس فان هذه المعطيات يمكن ان تترجم إلى العدد تريليون نجمة.
ويتوافق هذا العدد مع التخمينات السابقة، وللمقارنة فان مجرة طريق الحليب يعتقد بانها تحتوي على 400 مليار نجمة. يقول باولاين بارمبي، وهو فلكي في مركز هارفرد سيمثسونيان لفيزياء الفلك وقد ساعد في تحليل معطيات سبيتزر: "هذه هي المرة الاولى التي يكشف فيها عن تعداد نجوم المرأة المسلسلة باستخدام لمعان المجرة بالاشعة تحت الحمراء".
البيانات الجديدة اتاحت ايضا للفريق حساب عدد النجوم الجديدة التي تولد في المرأة المسلسلة كل عام. وقد تبين ان هذا الرقم قليل على نحو مفاجيء، ويقول بارمبي انه يبلغ في المتوسط 0.6 كتلة شمسية كل عام. وللمقارنة فان طريق الحليب تنتج نحو ستة نجوم سنويا حسب تخمينات حديثة.
تقدم ملاحظات منفصلة من فريق يعمل تحت قيادة كنوت اولسن في مرقب جيميني نورث بهاواي للفلكيين صورا عالية الدقة وغاية في العمق اكثر من اية صور اخرى للانتفاخ في مركز المرأة المسلسلة والقرص الداخلي التقطت بالاشعة القريبة من تحت الحمراء. العديد من المجرات العظيمة، بضمنها مجرتنا، تضم تركيزا عاليا من النجوم في انتفاخ قرب المنتصف. ومثل هذا الانتفاخ يتمدد بشكل ملحوظ فوق وتحت محور التدوير الخارجي للمجرة.
تظهر الصور الافا من النجوم المنفردة واقعة ضمن مسافة 6،500 سنة ضوئية عن مركز المجرة. وبمطابقة هذه المعلومات مع معطيات اخرى، تمكن الفريق من الاستنتاج بان معظم هذه النجوم هي قديمة نسبيا وتتألف من عناصر ثقيلة مشابهة لشمسنا. المكتشفات الجديدة تشير إلى ان القرص الداخلي للمرأة المسلسلة كان موجودا قبل ما لا يقل عن ستة مليارات سنة، او ما يقرب من نصف عمر الكون، وانها ربما كانت موجودة دون ان يطرأ عليها طاريء نسبيا لمدة قد تكون اطول من ذلك.
الصور الجديدة ذات التشفير اللوني التي التقطها مرقاب ناسا المسمى جاندرا الذي يعمل بالأشعة السينية اعطت الفلكيين نظرة اعمق إلى مركز المرأة المسلسلة. تبين الصور ما يشبه مجموعة من النقاط المندمجة مع سحب غازية منتشرة وتبعث الاشعة السينية. يعتقد العلماء ان الغاز تعرض للتسخين عن طريق موجات صدمة تشكلت اثناء حدوث انفجارات للنجوم العظيمة (السوبر نوفا).
ان تحليل بيانات الاشعة السينية يكشف بان المصادر النقطية ترتبط بانظمة النجوم الثنائية والمتشكلة من النجوم النيوترونية او الثقوب السود، والتي تبتلع المادة من سطح نجم طبيعي. وبينما تقع المادة باتجاه النجم النيوتروني او الثقب الاسود فانها تسخن بالاحتكاك إلى عشرات الملايين من الدرجات إلى ان تبعث الاشعة السينية.
ان مجرة المرأة المسلسلة، التي تعرف ايضا بـ Messier 31 هي اقرب المجرات الينا، وتبعد فقط 2.5 مليون سنة ضوئية وتقع في مجموعة (المرأة المسلسلة) النجمية. ويبلغ عرض قرص هذه المجرة 260،000 سنة ضوئية وهو اكبر من عرض مجرة طريق الحليب البالغ 100،000 سنة ضوئية. وعلى الرغم من كونها اكبر وتمتلك ضعف عدد النجوم في مجرتنا، فان مجرة المرأة المسلسلة هي بمقدار نصف كتلة مجرتنا لانها تحتوي قدرا اقل من المادة السوداء.