Monday, January 08, 2007

بكتيريـا تستعـمل الـيورانيوم لتحويل جزيئات المـاء الى طـاقة

ScienceDaily.com
ترجمة: علاء غزالة

اعلن باحثون من بلومنغتون التابع لجامعة انديانا، والمعاهد المتعاونة الثمانية، عن اكتشاف مجتمع قائم بذاته من البكتريا يعيش على عمق 2,8 كيلومتر تحت سطح الارض. ما الغريب برأيك؟ ان هذه البكتريا تعتمد على النشاط الاشعاعي لتحويل جزيئات الماء الى طاقة مفيدة!
ان هذا الاكتشاف قد أكد توسع الكرة الاحيائية للارض، وهي القشرة ثلاثية الابعاد التي تحتضن الحياة على الكوكب.
وعلى كل حال، فان الباحثين لديهم تلميحات تتجاوز الارض، فهي تعزز التفاؤل بان الحياة توجد في بيئات عميقة اخرى، مثل الماء الجوفي تحت السطح المتجمد في المريخ.
تقول العالمة الاحيائية الجيوكيميائية ليزا برات، التي قادت مساهمة بلومنغتون في المشروع: "مما يبعث على الدهشة اننا نعلم القليل عن اصل وتطور وحدود الحياة على الارض. لقد بدأ العلماء للتو في دراسة العضويات المتنوعة التي تعيش في اعماق سحيقة من المحيط. ولم يتم استكشاف قشرة الارض الصخرية عمليا بعمق يزيد على نصف كيلومتر تحت السطح. ان العضويات التي تم وصفها في هذا البحث تعيش في عالم يختلف تماما عن العالم الذي نعرفه على السطح".
لا تـٌعد البكتريا التي تعيش في الماء الجوفي او في بيئات تحت– سطحية اخرى جديدة. ولكن لا يُعرف حتى الان فيما اذا كانت هذه العضويات الدقيقة الموجودة تحت السطح قد وصلت حديثا، وانها قد كتب عليها الانقراض، او ما اذا كانت ساكنة هناك بشكل دائم في ما يبدو انه مكان غير ملائم. يضاف الى ذلك ان العديد من العلماء كانوا متشككين في ان مجتمعات البكتريا تحت السطحية هي بحالة انفصال تام عن بيئات السطح التي يغذيها نور الشمس.
وقد قدم كل من برات، وتوليس اونستات (جيو– مايكروبايولوجي من جامعة برنستون)، والطالب حديث التخرج لي – هونغ لين (وهو كاتب البحث الاول، ويعمل الان في جامعة تايوان الوطنية) وزملاؤهم، قدموا ادلة على ان مجتمعات البكتريا هي بالفعل دائمة –تبلغ الملايين من السنين عمرا على ما يبدو– ولا تعتمد في وجودها على ضوء الشمس، ولكن على اشعاع خامات اليورانيوم.
وقد عَلم المشاركون في البحث الحالي عن صدع جديد مليء بالماء داخل احد مناجم الذهب في منطقة حضرية بمدينة جوهانسبيرغ في جنوب افريقيا، ونظروا اليه باعتباره فرصة لدراسة الصخور تحت السطحية والتي لم تلوثها النشاطات الانسانية. وقد سافر (لين) واخرون من فريق البحث الى المنجم ونزلوا الى الكهوف الحارة المليئة بالغازات الخانقة لدراسة الماء المترشح ببطء من الشق.
وقد اخذ العلماء نماذج من الماء المنساب من الصدع مرات عديدة طوال 54 يوما لمعرفة فيما اذا كانت المجتمعات الجرثومية، اذا كانت موجودة اصلا، قد تغيرت في التركيب والخصائص، ولمعرفة ما اذا وقع تلوث. وقد تفحّص الباحثون عمر الماء في الصدع وتركيبه الكيميائي.
يحتوي ماء الصدع على الهايدروكاربونات والهايدروجين، ومن غير المرجح ان تكون قد تكونت خلال عملية بايولوجية، ولكن من خلال تحليل الماء المعرّض الى الاشعاع من صخور تحمل اليورانيوم.
وقد كشفت تحليلات مكثفة جدا للعوامل الوراثية(DNA) للمجموعات الدقيقة عن وجود عدد كبير من الانواع البكتيرية، ولكن سيطر على النماذج نوع واحد جديد ينتمي الى البكتريا التي تعيش بالمياه الحارة وهي من فصيلة فيرميكوتيس Firmicutes. يقترح عمر الماء الصدعي والتحليلات المقارنة للعوامل الوراثية في اجناس البكتريا ان الفيرميكوتيس تحت السطحية قد انقطعت عن الاتصال ببنات عمومتها السطحية في اي مكان قبل 3 ملايين الى 25 مليون سنة مضت. ان الموقع الذي تعيش فيه البكتريا هي صخور بازلتية متحولة يبلغ عمرها حوالي 2,7 مليار عام. ولا تزال الكيفية التي استطاعت فيها البكتريا فيرميكوتيس المنتمية الى السطح، وانواع اخرى، ان تستعمر منطقة تبلغ مثل هذا العمق في القشرة الارضية.
يُعرف عن بعض انواع فيرميكوتيس السطحية استهلاكها للكبريت والهايدروجين كطريقة في الحصول على الطاقة اللازمة للنمو. ومن ثم فان بعض البكتريا الاخرى تستعمل المنتجات العرضية للفيرميكوتيس كمصدر للغذاء. وقد وجد العلماء ان الفيرميكوتيس الصدعية قادرة ايضا على استهلاك الكبريت. وعلى كل حال فان الفيرميكوتيس لا تستعمل الاشعاع مباشرة كمصدر للطاقة.
يسمح الاشعاع المنبعث من معادن اليورانيوم في الصدع، او بالقرب منه، باطلاق غاز الهايدروجين من خلال تحليل الماء واطلاق الكبريت عن طريق تحليل المعادن الكبريتية. ان غاز الهايدروجين يمتلك طاقة عالية اذا تفاعل مع الاوكسيجين او المؤكسدات الاخرى كالكبريت، كما اظهرت ذلك كارثة منطاد هندنبيرغ. وتستطيع الفيرميكوتيس ان تحصد الطاقة الناجمة عن تفاعل الهايدروجين مع الكبريت، متيحة للجراثيم في مجتمع الصدع باستعمال الفضلات الكيميائية الناتجة عن الفيرميكوتيس كغذاء.
تخدم الفيرميكوتيس – بطريقة ما– نفس الغرض الذي تؤديه العضويات بعملية التركيب الضوئي، مثل البلانكتون والاشجار على سطح الارض، والتي تقتنص طاقة ضوء الشمس لتفيد به –آخر الامر– اي شي وكل احد آخر. في حالة المناطق العميقة تحت السطح، تكون انواع الفيرميكوتيس هي المُنتجة، مقتنصة طاقة الاشعاع التي يحملها غاز الهيدروجين لاسناد مجتمعات الجراثيم.
الباحثة برات هي مديرة المشروع الذي يضمن استمرار هذا البحث، والذي يتفحص الكائنات العضوية الموجودة في ظروف بيئية متطرفة عميقا تحت السطح في مناجم جنوب افريقيا والقطب الشمالي الكندي. وهي ايضا مديرة معهد انديانا – برينكتون – تينيسي لعلوم الحياة الفلكية، وهو مركز ابحاث تموله (ناسا) ويركز على تصميم ادوات ومسابير لاستكشاف الحياة في الصخور والمياه تحت الجوفية العميقة في الارض في اثناء التخطيط لاستكشاف ما تحت سطح كوكب المريخ. وقد أُنجز البحث الحالي باستخدام منحة مقدمة من (ناسا)، ومؤسسة العلوم الوطنية، وبعض الجهات الاخرى.