Sunday, February 25, 2007

إكتشـاف غيـوم.. لا ماء.. على كـوكب بعيد

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

قال العلماء مؤخرا ان اكثر التحليلات تفصيلا على الاطلاق للغلاف الجوي العائد لكوكب خارج المجموعة الشمسية لم تظهر اي دليل على وجود الماء، ولكن هناك اشارات لاحتمال وجود الغيوم. يقول ديفيد كاربونيو من مركز هارفارد-سمثسونيون لفيزياء الفلك: "نحن نستنشق اولى نفحات الهواء من العالم الخارجي. ان ما وجدناه كان مفاجأة لنا. بتعبير ادق، لم نجد المفاجأة التي نتوقع".درس كاربونيو وزملاؤه، باستخدام مرقاب سبيتزر الفضائي العامل بالاشعة تحت الحمراء والعائد لوكالة الفضاء والطيران الامريكية (ناسا)، درسوا ما اصطلح عليه بكوكب المشتري الحار hot Jupiter planet والمسمى HD 189733. ان المشتريات الحارة هي كواكب غازية عملاقة تبدو شبيهة بكوكب المشتري في مجموعتنا الشمسية، الا ان مدارها اقرب كثيرا الى النجم الام بما يجعلها شديدة الحرارة. ان سنة على الكوكب HD 189733b تعادل فقط مقدار 2,2 يوم على الارض، ويتلظى الكوكب تحت درجة حرارة 926 درجة مئوية. يقع هذا الكوكب على بعد 60 سنة ضوئية في المجموعة النجمية المسماة الثعلب Vulpecula.
لا توجد حاليا تقنية لفصل الضوء القادم من كواكب بعيدة عن نجومها، لكن العلماء يستخدمون تقنية مختلفة. يوضح ذلك كاربونيو بالقول: "بدلا من فصل الضوء القادم من الكوكب والنجم مكانيا، نحن نقوم بفصلهما زمانيا. نحن ننتظر الكوكب حتى يمر بعيدا عن النظر ليختفي خلف النجم ثم نقيس سطوع النجم بعناية بالغة. بعد ذلك نجمّع البيانات في اوقات اخرى، حينما يكون كل من النجم والكوكب في مرمى النظر. اذا احتسبت الفرق، فان المتبقي–مهما يكن– يجب ان يكون الضوء القادم من الكوكب."في عام 2001 قام فريق كاربونيو، باستخدام مرقاب الفضاء هابل وتقنيات اخرى، باكتشاف كمية قليلة من الصوديوم في الغلاف الجوي لكوكب خارج المجموعة الشمسية. ويُعد هذا الاكتشاف الاول من نوعه للفلكيين في استكشاف الغلاف الجوي للكواكب التي تدور حول النجوم الاخرى.يوضح كاربونيو ذلك بالقول: "يمكننا الآن النظر الى الوان مختلفة ومتعددة. في الماضي، كان لابد من استهداف طول موجي معين وميزة واحدة معينة بسبب هذه الذرة الواحدة. لقد كانت مثيرة للحماس في ذلك الوقت، لكن البيانات التي نقدمها الآن تعطي معلومات اكثر بكثير".
لا آثار للماء
قام فريق كاربونيو بعد حصولهم على طيف الكوكب HD 189733b بإجراء المسح عليه لتفحص (بصمات) جزيئات معينة. تتوقع احدى النظريات ان المشتريات الحارة تحتوي على كميات كبيرة من بخار الماء والميثان ايضا. تتكون الكواكب من نفس المواد التي تتكون منها نجومها، والنجم الذي يدور حوله الكوكب HD 189733b يحتوي على العديد من العناصر المختلفة، من ضمنها الهايدروجين، والهيليوم، والكاربون، والاوكسيجين. لذلك يتوجب وجود هذه العناصر في تركيب الكواكب المتواجدة حول النجم.يقول كاربونيو: "في المشتريات الحارة توجد كمية كبيرة من الهايدروجين والاوكسيجين، وهما يتفاعلان ليتحولا الى جزيئات ماء. وفي هذه الضغوط، فانها تكون غير مرئية". وبطريقة مشابهة، يٌعتقد ان الكاربون والهايدروجين يتفاعلان في المشتريات الحارة لتكوين الميثان. على كل حال، فان اكبر مفاجأة للباحثين تمثلت في عدم العثور على آثار لكل من هذين الجزيئين. ويؤكد كاربونيو: "كنا نتوقع ان يظهر الكوكب اكثر خفوتا نتيجة امتصاص جزئيات الماء في غلافه الجوي للاشعة. لقد كان هذا اعتقادا قويا جدا وتقدم به العديد من المجاميع التي حاولت التنبؤ بالشكل الذي يمكن ان تبدو فيه هذه الاغلفة الجوية".
غيوم عالية ومياه مخفية
تقترح النتائج المستحصلة من فريق آخر بان الماء والميثان موجودان، لكنهما مختفيان تحت غيوم سميكة. استخدم فريق اخر بقيادة جيرمي ريتشاردسون من مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لـ(ناسا)، استخدموا مرقاب سبيتزر ايضا لاستحصال طيف الكوكب HD 209458b وهو من كوكب آخر من المشتريات الحارة يبعد 150 سنة ضوئية ويقع في المجموعة النجمية المسماة الفرس الاعظم Pegasus. ولم يظهر الطيف الذي استحصله فريق ريتشاردسون اية آثار للماء او الميثان هو الاخر، ولكنه اظهر لمحات عن السيليكات، وهو جزيء يحتوي على السيليكون والاوكسيجين. وتمثل السيليكات المكون الاعظم للصخور على الارض. ولكن على المشتريات الحارة، حيث تكون الحرارة مرتفعة جدا، فإن السيليكات توجد فقط على هيئة حبات صغيرة من الغبار، تتجمع مع بعضها لتكوين غيوم.
يقول كاربونيو: "ان ذلك يمكن ان يفسر لماذا لا نرى الماء. اذا كان هناك قرص من السحب العالية، فانه سيمنعنا من النظر تحته الى الغلاف الجوي". يوافق مارك سواين، وهو باحث آخر لدى (ناسا)، وقاد فريقا بحثيا آخر لتحليل الكوكب HD 209458b بشكل مستقل، يوافق على ان من المحتمل ان تكون هناك غيوم على المشتري الحار، ولكنه غير مقتنع بان السحب مؤلفة من السيليكات.يقول سواين: "بالنسبة لنا، فان قضية السيليكات غير مٌثبتة. لقد وجدنا ان الطيف متوافق مع انبعاثات حرارية غير مميزة من الغيوم". ولكن ريتشاردسون يقول: "اعتقد بانه صحيح تماما اننا لانفهم تفاصيل ما نرى. ان الميزة التي نراها حقيقية. من الممكن ان شيئا آخر قد تسبب في هذه الميزة. ربما عنصر مختلف. اعتقد انه من المحتمل ان يكون السيليكات".
الفكرة تبقى شائقة
تم وضع الخطط من اجل المزيد من الدراسات على HD 189733b و HD 209458b ومشتريات حارة اخرى، للمساعدة على توضيح الغموض. يقول كاربونيو: "حتى الآن، انها احجية ذات قطع كثيرة. مع توافر المزيد من قطع الاحجية يجب تتوضح الصورة اكثر". ويقول الان بوس، وهو باحث نظري في تكوين الكواكب في معهد كارنيجي بواشنطن، وهو لم يشارك في أي من هذه الدراسات، انه على الرغم من عدم العثور على ادلة تؤكد وجود الماء في الكوكبين المصنفين ضمن المشتريات الحارة، الا ان القدرة على فعل ذلك مثيرة للحماس بحد ذاتها. ويضيف: "ان هذه هي المرة الاولى التي نتمكن فيها من البحث عن الماء في كوكب بعيد خارج المجموعة الشمسية. ان ترنيمة (ناسا) في البحث عن حياة على المريخ هي: (تتبع الماء). ويبقى ذلك صحيحا بالنسبة للكواكب خارج المجموعة الشمسية. ان البحث عن الماء سوف يكون الهدف الرئيس لمركبة الفضاء المسماة (باحث الكواكب الكونية)، والنتائج الحديثة تشحذ شهيتنا لما هو آت حينما تحلق هذه المركبة".