Sunday, July 08, 2007

مخططات المجين الكاملة تكشف عن مؤشرات الامراض

مجلة ساينزنيوز
ترجمة: علاء غزالة

تمكن الباحثون، في عرض واضح لقدرات علم الاحياء الجديدة، من ربط اربع وعشرين تغايرا جينيا مع ستة امراض رئيسة. تقول انـّا بوكوك من كلية طب واشنطن في مدينة سانت لويس ان الدراسة التي شملت مسح مجينات (المخطط الجيني genome) 16,179 مواطن بريطاني هي "غير مسبوقة من ناحية المدى والاتساع".
يبشر البحث بتسريع الوصول الى فهم اساسي لاضطراب ثنائي القطب (وهو حالة نفسية يتغير فيها مزاج المصاب بصورة غير متوقعة، وعادة بصورة غير مناسبة)، وامراض الشريان التاجي، واضطراب الجهاز الهضمي المسمى مرض كروهين (التهاب الامعاء المزمن)، والتهاب المفاصل الروماتيزمي، وامراض السكر نوع 1 ونوع 2. كما يقول العلماء انه سوف يعجّل تطوير انتاج ادوية جديدة.
يقول بيتر دونالي، اختصاصي الاحصاء في جامعة اوكسفورد بانكلترا ورئيس جمعية تضم 50 فريقا بحثيا: "بالنسبة لمعظم هذه الامراض، نحن نعرف القليل جدا عن العمليات الحيوية التي تجري. ان هذا سوف يعطينا موطأ قدم جديد تماما".
عززت هذه الدراسة الضخمة سنوات من العمل في تصنيف تغايرات الجينات بين الافراد. يحتوي المجين البشري على ثلاثة مليارت حرف، او نوكليوتايدات nucleotides (وهي مركبات كيميائية تحتوي على ثلاثة اجزاء: قاعدة هيدروكربونية، وسكر، ومجموعة او اكثر فوسفاتية)، بحيث ان عددا من 6 الى 8 مليون منها يكون مختلفا من شخص لآخر. ان هذا التنوع الجيني مسوؤل عن الاختلافات العديدة في مقاومة امراض معينة. وقد تمكن مشروع دَولي حديث الانجاز اطلق عليه هابماب HapMap من تحديد 500,000 من اكثر الاختلافات الملحوظة.
وباستخدام الهابماب تمكنت شركة افيمتركس التي تتخذ مقرا لها في كاليفورنيا من صناعة شريحة يمكنها التعرف بسرعة على اي نوكليوتايد يحمله الشخص في كل من الـ 500,000 موقع المعرّفة. هذه الشريحة، التي هي عبارة عن قطعة من البلاستك بجحم رقاقات المجهر، تباع بسعر يبلغ بضعة مئات من الدولارات.
وبمقارنة انماط هذه النوكليوتايدات المعرّفة لاشخاص اصحاء مع انماطها لدى المرضى، فقد اكتشف الباحثون 24 تغايرا تـُنبأ عن خطورة متزايدة: واحد من هذه التغايرات مرتبط بالاضطراب ثنائي القطب، واحد آخر مرتبط بامراض الشريان التاجي، تسعة لمرض كروهين، ثلاثة لالتهاب المفاصل، سبعة لمرض السكر نوع 1، وثلاثة لمرض السكر نوع 2.
يقول بوكوك: "كل من هذه المعالم الجينية يأتي بشكلين اثنين. اذا كان احد الشكلين اكثر شيوعا لدى الاشخاص المرضى، فان ذلك يخبرك عن وجود جين مسبب لمرض في الجوار".
يؤكد التقرير على التعقيدات في المجين بالنسبة لكثير من الامراض الشائعة. لكن في الامراض النادرة مثل مرض هنتينغتون Huntington's (وهو مرض عصبي وراثي تقل فيه قدرة المريض على تنسيق حركات الجسم فتصبح حركاته غير طبيعية ويؤثر على القدرات العقلية للمريض وعلى شخصيته)، ومرض التليف المثاني cystic fibrosis (وهو ايضا مرض وراثي يؤثر على مجمل الجسم ويسبب اعاقة متزايدة تقود للموت المبكر)، اذا ورث الشخص جينا سيئا واحدا فقط فانه يمرض. لكن التغايرات الكثيرة في المجين لا تساهم الا قليلا في الامراض التي تتعامل معها المجموعة البريطانية.
بعض التغايرات يقع ضمن جينات معروفة، مما يجعل هذه الجينات المشتبه به الرئيس. بعضها الاخر يقع في "صحراء المجين" بحيث ان فاعليتها تبقى لغزا. في كلتا الحالتين يتطلب حل عقدة العمليات الحيوية التحتية "العودة مجددا الى منضدة البحث"، كما يقول بوكوك.
يجب ان تكون المهمة اسهل الان. يقول العلماء ان البيانات الجديدة من شأنها ان تمكنهم من ايجاد جينات الامراض بسرعة. في الواقع، فان بحثا مماثلا نشر مؤخرا فعل ذلك بالضبط. فقد تمكن فريق يرأسه مايلز باركز من جامعة كامبريدج بانكلترا، اعتمادا على الدراسة الكبيرة التي قادها دونالي، من تعريف الجينات المشاركة في مرض كروهين. هذه الجينات تحفز الفعاليات التي تساعد على طرد البكتريا من خلايا الاوعية الهضمية، واذا انحرفت الجينات فان الجراثيم يمكن ان تبقى. يقول باركز: "لقد اعتقدنا طويلا ان البكتريا مهمة في مرض كروهين، لكننا لم نعرف ابدا لماذا. هذه اضاءة عظيمة لبصيرتنا". يتوقع الباحثون ان يتلو ذلك عاجلا المزيد من التبصر.