Wednesday, April 19, 2006

الاقمار الصناعية تبحث لغز سفينة نوح

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

في اعالي جبل ارارات شرق تركيا، يوجد سفح جبلي فريد ومحير، بحيث ادعى احد الباحثين ان ذكره قد ورد في الكتاب المقدس. توفر الصور الملتقطة بالطائرات والاقمار الصناعية الذكية والمركبات الفضائية التجارية ذوات التحسس عن بعد، مصادر غنية للدراسات المستفيضة عن هذه الظاهرة الفريدة والشاذة. ويجري البحث حاليا فيما اذا كان هذا التفرد سببه نزوة الطبيعة، ام ظلال خداعة، ام انه شيء من صنع الانسان بشكل ما، ام ببساطة لا شيء على الاطلاق. ومهما يكن هذا التفرد فهو يقع على ارتفاع 15,300 قدم (4,663 م) في الزاوية الشمالية الغربية لجبل ارارات ويكاد يكون غارقا تماما في الجليد.
يمكن ببساطة القول انه مجرد تشكيل صخري غريب. ولكن رجلا واحدا على الاقل تساءل فيما اذا كانت تلك هي بقايا سفينة نوح، وهو القارب الذي يقال انه بُني لانقاذ الناس وأنعام مختارة من الطوفان العظيم، الذي ذكر في سفر التكوين انه استمر لمدة 40 يوماً و40 ليلة. ويفصّل سفر التكوين ابعاد هيكل السفينة بنسبة الطول الى العرض 6:1 (300 ذراع في 50 ذراعاً). والتفرد كما رصد من قبل الاقمار الصناعية، يبدو قريبا من نسبة 6:1
ان تعريف (تفرد ارارات) كان مطلب بورتشر تايلر، وهو استاذ مشارك في الدراسات ما وراء القانونية في جامعة ريتشموندز سكول للدراسات المستمرة في ولاية فرجينيا. لقد عمل تايلور كمحلل للامن الوطني لمدة تزيد على 30 عاما، كما خدم لمدة خمسة اعوام في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية بواشنطن العاصمة. يقول تايلر: "لدي تفاؤل بالاكتشافات الجديدة، واحاول بشكل مستمر ان ادفع اجهزة المخابرات للافراج عن الصور ذات الطابع التعريفي". وهو يشير الى "تطور جديد ونوعي" بينما يتم عرض صور عالية الدقة التقطها القمر الصناعي كويك بيرد. وهو يقول: "ان ذلك هو مشروعي للتنقيب عبر الاقمار الصناعية". وتشترك جهات عديدة في هذه الجهود منها سفينة الفضاء جيو آيز ايكونوز، والقمر الصناعي الكندي رادارسات1، بالاضافة الى صور الاقمار الصناعية المفرج عنها والملتقطة من خلال الوكالات الاستخبارية الامريكية المختلفة.
يقول تايلر ان هدفه غاية في البساطة: جمع هذه الصور لجعل ظاهرة (تفرد ارارات) متاحة للجميع، كما هي متاحة لعيون العلماء المتبصرة، ومحللي الصور، وغيرهم من الخبراء. يقول تايلر: "لم تكن لدي اية احكام مسبقة او اجندة معينة حينما بدأت مشروع هذا البحث عام 1993".
وفيما يخص ملحمة سفينة نوح، فقد سارع الى التنبيه الى ان هناك من يعتقد انها مجرد اسطورة، بينما يعتبرها آخرون حقيقة واقعة. ومع ذلك، فان هذا التفرد قد لا يكون خطا لنتوء طبيعي من الجليد والثلج والصخور، ولكنه خط نتوء مفتعل، كما يشير تايلر، مضيفا: "اعتقد انه اذا كانت هذه هي بقايا اشياء من صنع الانسان، وهي، بشكل ما، تتعلق بالامور البحرية، اذاً فمن الممكن ان يأتي الكتاب المقدس على ذكرها".
وفي خضم تأنيبه الوكالات الاستخبارية من اجل الافراج عن المزيد من الصور الملتقطة بالاقمار الصناعية، والموضوعة تحت حماية مشددة، فان تايلر يقول ان هناك مركبة فضائية تجارية ذات اجهزة تحسس عن بعد على وشك ان تطير، وهي ستساعد في مهمة التنقيب هذه. مؤكدا: "لدينا ثلاث طائرات تتأهب للاقلاع. وانا استخدم كل طاقتي وصلاتي وما امتلكه من ضغط من اجل ان يتم على الاقل ادراج طلعات جوية فوق جبل ارارات". ويضيف ان هذه الصور سوف تجعل الجبل اكثر (شفافية).
في هذه الاثناء، فان لدى تايلر شبكة من الخبراء، وهي في حالة توسع دائم للمساعدة في استكناه حقيقة هذا التفرد. فعلى سبيل المثال، قام محلل صور الاقمار الصناعية رود فرانز، من مجموعة (سن تك) في هندرسن بولاية نيفادا، بتفحص الصور التي قدمها له تايلر عن التفرد في جبل ارارات واجراء المزيد من التحليلات حول هذه المنطقة. وبحكم كونه مديرا للتدريب في تلك المجموعة فقد امتلك خبرة عالية بالاضافة الى خدمته في الاستخبارات العسكرية لمدة 25 سنة كمحلل صور. وهو يقول ان التقنيات والادوات الحاسوبية المستخدمة لدراسة البيانات الواردة من اجهزة التحسس عن بعد، سواء الحكومية ام التجارية، قد تم توظيفها لتقييم التفرد. وقد تم حساب المسافة الارضية وابعاد التفرد. ان لبرامج الحاسوب هذه القدرة على تعديل الاضاءة والضبابية والحدة والتباين والعوامل الاخرى التي تؤثر في المنطقة موضع الاهتمام. يقول فرانز: "من بين العديد من الوسائل للتحكم في الصور، فقد استخدمت وسيلة (الالوان الوهمية) لمحاولة معرفة اذا كان بالامكان استكشاف اي شيء تحت الثلج والجليد".
يبلغ طول التفرد 1,015 قدم (309 امتار) استنادا الى فرانز، الذي يقول ايضا: "وقد وجدت ايضا ان التفرد يظهر على شكل دائرة. لست واثقا مما يعنيه هذا، اذا كان له اي معنى، ولكنني اجده مثيرا للفضول".
ويشير تايلر انه مع معرفة الطول، فان هذا التفرد يجعل البواخر الكبيرة امثال تايتنك وبسمارك تبدو وكأنها اقزام، اذ انه يساوي حجم اكبر حاملات الطائرات. ويطرح المحللون سؤالا فيما اذا كان التفرد هو عبارة عن سفينة خشبية، مما يقود لسؤال مهم: اذا كان القارب بهذه الضخامة فعلا فهل يمكن له ان يطفو؟
هناك خبراء يعملون ايضا في مجال التحسس عن بعد قدموا رؤية متشككة. يقول فاروق الباز مدير مركز جامعة بوسطن للتحسس عن بعد: "ان تفسير الصور هو فـن. يجب ان يكون المرء ملما بتأثيرات ضوء الشمس على خواص الشكل الذي تتم ملاحظته. ان تغييرا بسيطا في الانحدار يؤدي الى تعديل اشكال الظلال مما يؤثر على تفسير الصورة. ان جميع الصور التي رأيتها حتى الان يمكن تفسيرها كأشكال ارضية طبييعة. ان الظاهرة التي تم تفسيرها على انها (تفرد ارارات) هي بالنسبة لي مجرد جرف صخري يقع في منطقة ظل جزئي مع غطاء جليدي ذي سماكة متغايرة."
يقول فرانز انه مع ازدياد تهافت الاقمار الصناعية، وكذلك وجود دراسات اخرى في الطريق، فان التنقيب عن بعد قد شهد تحسنا ملحوظا. هناك حد اقصى لنهاية اللعبة، وذلك يكمن في الحقيقة على الارض التي تسلط عليها الاضواء. ويأمل تايلر ان نتائج بحثه سوف تحفز ارسال بعثة استكشافية لهذه المنطقة، قائلا: "فلتكن ما تكون". ولكن في الوقت الحالي، تقوم المتحسسات عن بعد بوظيفة التنقيب من الفضاء لحين وضع بعثة استكشافية ميدانية.
ومن الجدير بالذكر، انه قبل فترة وجيزة اكتشف علماء ناسا (NASA)، باستخدام معدات واجهزة التحسس عن بعد في المركبات الفضائية والطائرات، بقايا اثار حضارة المايا (Maya) في الغابات المطيرة في وسط امريكا والتي تعود لما يزيد على 1,000 عام.
يقول مارك برندر، نائب رئيس جيو آيز للاتصالات والتسويق، والتي يقع مقرها في مدينة دالاس بولاية فرجينيا: "اصبحت الصور من القمر الصناعي جيو آيز ايكونوس، بالاضافة الى نظام تحديد المواقع العالمي GPS بالنسبة لاي بعثة استكشافية من الامور التي لا يمكن الاستغناء عنها، كما هو الحال مع الماء والاغذية المجمدة والمجففة، حيث لا يريد احدهم ان يغادر منزله بدونها". بالنسبة للباحثين، فان الصور الفضائية التي يوفرها جيو آيز تقدم "الحد الاقصى للصورة عالية الوضوح" ومنظر مقارن لا يمكن ان تحصل عليه من الملاحظات على الارض، ولا حتى من الطائرات، يقول برندر : "انها مصل الحقيقة المرئية".