Sunday, April 23, 2006

ما سرّ الاستعراضات الضوئية الكبرى في المجموعة الشمسية؟

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

غيّرت الدراسات الحديثة حول (الشفق) في المشتري وزحل معتقدات العلماء بشأن الطريقة التي تشكلت بها اكبر العروض الضوئية. وكما هو حال الشفق في كوكب الارض، فان الشمس تلعب دورا مهما. والشفق هو عبارة عن موجات غريبة واشرعة متمايلة من الضوء تتشكل، في كوكب الارض، من التفاعل بين الجسيمات المشحونة المتدفقة في تيار مبتعد عن الشمس، وتعرف بالرياح الشمسية، والذرات والجزيئات في الطبقات العليا لغلاف كوكب الارض الجوي والتي تضعف فيها طبقة الماغنتوسفير(magnetosphere).
في النصف الشمالي للكرة الارضية تسمى هذه الظاهرة الضوئية اورورا بوريلسس (aurora borealises) او (الضياء الشمالي)، في النصف الجنوبي تسمى اورورا اوستراليسس (aurora australises) او (الضياء الجنوبي). ان طبقة الماغنتوسفير هي درع غير مرئي يحمي الارض من الرياح الشمسية وانواع اخرى من الاشعاع والتي يمكن لها ان تحرق الاقمار الصناعية والاجهزة الالكترونية الحساسة. ويتكون هذا الدرع من خطوط الحقل المغناطيسي الذي ينبثق من القطبين على شكل كعكة تقع الارض في وسطها.
ان شدة اضاءة الشفق على المشتري تزيد بمئات المرات عن مثيلها على الارض، ولكن العلماء كانوا يعتقدون -لحد الان- ان الرياح الشمسية كان لها تأثير قليل على (استعراض المشتري الضوئي). وبدلا من ذلك، فقد ساد الاعتقاد انه يتشكل من المواد المنبثقة عن قمر المشتري البركاني المسمى (إيو Io) لتتحرك بعنف في طبقة الماغنتوسفير للكوكب، والتي بدروها تدور بسرعة عالية حول الكوكب.
طريقة اخرى لتشكيل الشفق
ان القمر (إيو) هو الجسم البركاني الاكثر نشاطا في المجموعة الشمسية. وهو ينفث تيارا من الكبريت وثاني اوكسيد الكبريت في الفضاء بمعدل حوالي طن واحد في الثانية، مكونا غيمة غازية ضخمة، هي بمثابة ذَنَب القمر وهو يسعى في مداره حول المشتري. الجزء الداخلي من الطبقة المغناطيسية الدوارة حول المشتري يحتوي على مواد بشكل مزيج غازي حار، من الجسيمات المشحونة والالكترونات، تسمى البلازما (plasma). حينما تتلامس المواد التي يلفظها (إيو) مع هذه البلازما، فانها تتأين وتصبح بدورها بلازما. ويوضح ذلك جوناثان نيكولز من جامعة ليسستر بالقول: "حالما تتحول الجسيمات الى بلازما فانها تستشعر فجأة الحقل المغناطيسي للمشتري والذي يدور حول نفسه بسرعة اكبر بكثير". ان هذه العملية مسؤولة عن بعض ظواهر الشفق البراق الملاحظ على المشتري، ولكن ليس كلها. يعكف نيكولز وزملاؤه على مقارنة الصور التي التقطها التلسكوب هابل (Hubble) بالاشعة فوق البنفسجية لشفق المشتري مع القياسات المتزامنة التي جمعتها المركبة كاسيني (Cassini) للرياح الشمسية حينما مرّت سفينة الفضاء تلك قرب الكوكب العملاق في كانون الاول 2000 وكانون الثاني 2001.
وقد وجدوا ارتباطا قويا بين شدة الرياح الشمسية وسلوك الشفق عند قطبي المشتري. يقول نيكولز ان هذا يعني ان هناك عملية مشابهة لما يجري على كوكب الارض مسؤولة عن بعض شفق هذا الكوكب. سوف يقوم نيكولز بعرض ما توصل اليه في اجتماع وطني للجمعية الملكية للفلك المقرر في نيسان. وفي نفس هذا اللقاء سوف تقوم سارة بادمان، وهي ايضا من جامعة ليسستر، بتقديم نتائج تظهر ان الرياح الشمسية تلعب دورا في الاستعراضات الضوئية لزحل ايضا. وقد وجدت بادمان، باستخدام خليط مشابه من معلومات هابل وكاسيني كما فعل فريق نيكولز، ان شفق زحل هو نتيجة جمع طاقة الانطلاق الانفجاري للرياح الشمسية خلال الزمن، والتي تراكمت في الحقل المغناطيسي للكوكب.
حل اللغز القديم
ان النتائج الجديدة من فريق نيكولز يمكن لها ان تساعد في توضيح سبب كون المشتري اعلى حرارة بشكل ملحوظ عما ينبغي ان يكون عليه. وهو اللغز الذي حير العلماء لعقود عدة. يقول نيكولز: "نحن نعلم ان درجة حرارة الارض هي على ما هي عليه بسبب موقعها بالنسبة للشمس، وان المريخ ابرد منها، كما ان المشتري يجب ان يكون اكثر برودة. ولكنه ادفأ قليلا من المتوقع، حيث انه يبعث طاقة اكثر مما يستلم من اشعاعات الشمس". ويعتقد نيكولز ان الطاقة الواصلة الى الكوكب عن طريق الرياح الشمسية هي مسؤولة جزئيا عن عدم التوازن. ويقول: "ان هذا هو مصدر للطاقة لم يتم اخذه في الحسبان عندما حاول العلماء حساب درجة الحرارة التي يجب ان يكون عليها المشتري".
ان هذه المكتشفات تساعد في فهم لغز واحد، ولكنها تطرح لغزا اخر. فالشفق على المشتري يبدو على شكل مجموعة اشكال بيضوية متحدة المراكز في قطبي الكوكب. وقد وجد الباحثون ان حلقة الشفق البيضوية الخارجية، والتي يجب ان لا تتأثر بالرياح الشمسية، تصبح اكثر شدة كلما ازدادت شدة تدفق الرياح الشمسية، وهو معاكس تماما لما تتنبأ به هذه النظرية. يقول نيكولز: "نعتقد ان الحلقة البيضوية للشفق في المشتري يجب ان تكون معتمة حينما تشتد ضربة الرياح الشمسية، ولكننا نرى انها في الحقيقة تزداد اشراقا، وهو ما يعارض كليا حدسنا ونحن نجهل السبب في ذلك".