Thursday, June 15, 2006

الكون في تغير مستمر: الثوابت الطبيعية ربما تكون قد تغيرت

عن مجلة ساينس نيوز
ترجمة علاء غزالة

افترض العلماء لمدة طويلة ان هناك بعض المقومات الكونية التي لا تتغير، حالها كحال القوانين الفيزيائية نفسها. وتتضمن تلك المقومات، والتي تعرف بالثوابت الطبيعية، سرعة الضوء في الفراغ وكتل بعض العناصر الاولية. فقد وجد الآن فريق من الفيزيائيين والفلكيين في هولندا وروسيا وفرنسا اشارات بان احد هذه الثوابت قد اجتاز عملية تحول طفيف منذ ان كان الكون في بداياته.
المكتشفات الجديدة تشير الى ان نسبة كتلة البروتون الى كتلة الالكترون المعرفة بـ(mn) ربما تكون قد قلت بمقدار جزئين من الف بالمائة خلال الاثني عشر مليارا من السنين الماضية، كنا يقول إلمر رينهولد وزملاؤه من وكالة الفضاء الاوربية في نوردوجك بهولندا. ان الدليل على التغيير في هذا الثابت- والذي تبلغ قيمته الحالية -1.836.153 قد انبثق عن نموذج امتصاص الضوء لجزيئات الهايدروجين ويعلق فيكتور فلامبوم من جامعة نيوساوث ويلز في سدني باستراليا قائلاًُ: "اذا كان ذلك صحيحا، فانها نتائج ثورية، لا يهم ان كان مقدار التغيير ضئيلاً، اذا كان mn قابلة للتغيير، فنحن بحاجة الى فيزياء نظرية وعلم كونيات جديدين".
منذ عام 2001، قدم فلامبوم وزملاؤه ادلة متنامية ان هناك ثابتا آخر، يُعرف بـ(الفا) او (ثابت الهيكل الدقيق fine0structure constant) قد حصل فيه تغيير ايضا. ولكن ذلك التغيير، على كل حال، كان اقل من التغييرالذي تم احتسابه مؤخرا في قيمة mn بيد ان البحوث التي اجريت من قبل فرق اخرى لم تجد دليلا على ان (الفا)، والتي تمثل شدة القوة الكهرومغناطيسية، قد غيرت قيمتها.
للتوصل الى المكتشفات الجديدة بشأن mn قام كل من الكساندر ايفانجيك من معهد ايوفي في سانت بطرسبورغ بروسيا، وباتريك بتيتجين من معهد فيزياء الفلك في باريس، قاما بعمل قياسات دقيقة فوق العادة على الاشعاعات القادمة من الكوازارات(quasars) ركز الباحثان على الاطوال الموجية التي يتم امتصاصها عن طريق جزيئات السحب الهايدروجينية الباردة في الفضاء. ولأن النظر في عمق الفضاء هو بمثابة النظر الى ازمان سحيقة، فان قياسات اشعاع الكوازار تسبر صفات جزيئات الهايدروجين كما كان موجودا بعد اقل من ملياري سنة منذ ان حدث (الانفجار الكبير).
في هذه الاثناء، تمكن رينهولد واعضاء فريقه الآخرون، والذين يقودهم ويم اوباجس من جامعة امستردام الحرة، تمكنوا بدقة غير مسبوقة من حساب الطول الموجي للضوء الذي امتصته جزيئات الهايدروجين من شعاع ليزر في المختبر في الوقت الراهن، اي بعد انقضاء 13.7 مليار عام على حدوث (الانفجار الكبير).
لقد وجد العلماء ان هناك اختلافاً بسيطا في الاطوال الموجية لمجموعتين من البيانات، ولان الاطوال الموجية التي تمتصها جزيئات الهيدروجين تعتمد على قيمة mn فان النتائج تشير الى ان قيمة mn قد تغيرت. ومع ذلك يرى بعض اعضاء الفريق وعلماء اخرون ان ادلة الامتصاص التي تم جمعها لحد الان من كوازارين هي ليست قوية بما فيه الكفاية لاثبات ان قيمة mn قد تغيرت.
يقول مايكل مورفي من جامعة كامبريدج في انكلترا، وهو احد العلماء الذين وثقوا مع فلامبوم ان قيمة (الفا) تغيرت، يقول ان الباحثين قد نظروا الى 143 نظام كوازار، ولكن تبقى فكرة ان قيمة (الفا) شهدت تغييرا هي موضع جدل. ويوافق على هذا الرأي لينوكس كاوي من جامعة هاواي في هونولولو بالقول ان العلماء بحاجة الى ادلة صلبة ومطلقة بما يتعدى الدراسة الحالية، لان العناصر المتضمنة فيها عويصة للغاية.
الكوازارات هي مصادر فلكية لانواع عديدة من الطاقة الكهرومغناطيسية، بضمنها الضوء، والتي تجعل المع النجوم يبدو قزما بالمقارنة معها، فهي قادرة على اشعاع طاقة تكافئ ما تبعثه مئات المجرات مجتمعة. وبعضها يبدو متلقبا في شدة اللمعان. وهي تظهر خافتة في المناظير البصرية مع وجود ازاحة نحو الاحمر مما يؤكد حقيقة كونها بعيدة جدا. ويجمع العلماء على انها تكتسب طاقتها من تزايد اضافة المواد الى ثقوب سوداء ضخمة في قلب المجرات التي تدعى بالمجرات النشطة (موسوعة ويكبيديا).