Tuesday, September 19, 2006

العلماء يعثرون على جزيئات عضوية في الفضاء

space.com
ترجمة: علاء غزالة

كشف مسح استمر لمدة عامين، اجري على سحب عظيمة من الغبار النجمي، عن ثمانية جزيئات عضوية في منطقتين مختلفتين من الفضاء. احداهما عبارة عن روضة سماوية مغمورة بالضوء، بينما الاخرى لا يعدو فجوة باردة وخالية من النجوم.
المكتشفات الجديدة، والتي نشرت تفاصيلها في العدد الاخير لمجلة الفيزياء الفلكية، تساند دراسات حديثة اخرى تقترح اهمية الجزيئات لتشكيل الحياة بصورة عامة في سحب الغاز والغبار، والتي تنضغط لتشكل النجوم والكواكب.
وقد تم اكتشاف هذه الجزيئات باستخدام مرقاب روبرت سي بيرد غرين بانك، وهو مرقاب كبير يعمل بالراديو ويقع في ويست فرجينيا. يقول مشرف الدراسة جان هوليز من مركز غودارد للملاحة الفضائية التابع لوكالة الفلك والفضاء الامريكية:"ان العثور على ثمانية جزيئات عضوية في الفضاء خلال عامين هو امر جدير بالاعتبار".

جزيئات الحياة
تتكون كل من الجزيئات المكتشفة حديثا من 6 الى 11 ذرة، وتصنف على انها عضوية لانها تحتوي على الكاربون. وقد تم اكتشاف خمسة منها في منطقة الغبار النجمي المسماة [القوس B2(N)] وهو سحابة من الغبار القادر على تشكيل نجمة ويقع على بعد 26.000 سنة ضوئية عن الارض، بالقرب من مركز مجرة طريق الحليب (درب التبانة). ان هذه الروضة السماوية هي اكبر مستودع معروف للمركبات النجمية المعقدة.
اما الجزيئات الثلاثة المتبقية فقد وجدت في سحابة الثور الجزيئية [1TMC-] والتي تقع على مبعدة 450 سنة ضوئية. ان 1TMC- تخلو من النجوم وهي باردة ومظلمة وتبلغ درجة حرارتها 10 درجات فقط فوق الصفر المطلق (حسب مقياس كالفن، الصفر المطلق=-273 درجة مئوية).
يقول احد اعضاء فريق الدراسة انثوني رميجان، من محطة المراقبة الراديوية الفلكية الوطنية:"ان اكتشاف هذه الجزيئات العضوية الكبيرة في اكثر المناطق برودة في وسط سماوي، قد غير بالتأكيد الاعتقاد بان الجزيئات العضوية الكبيرة تنشأ فقط في اصول جزيئية حارة. لقد ارغمنا ذلك على اعادة النظر في نماذج الكيمياء النجمية".
يقول هوليز بان كون الجزيء عضويا لا يعني انه تشكل بواسطة اجسام حية. في الواقع ان العديد من الجزيئات التي تم تمحيصها تعتبر سامة للعضويات على الارض. ولكن احد الجزيئات التي وجدت في القوس (N2B) وتسمى اسيتمايد acetamide تحتوي على نوع من الاواصر الكيميائية تعتبر مهمة لربط الاحماض الامينية مع بعضها. الجزيء يعمل على بناء كتل من البروتين. يقول هوليز ان الاسيتمايد المكون من 9 ذرات"هو الجزيء الاكبر الذي تم العثور عليه في الفضاء والذي يمتلك هذه الاصرة".

اعشاب سماوية
يُعتقد بان الجزيئات قد تكونت بآليتين رئيستين. في الاولى يضيف تفاعل كيميائي بسيط ذرة الى الجزيء العالق على سطح من حبيبات الغبار العائمة في الفضاء. الطريقة الثانية تشمل تفاعلا كيميائيا بين الجزيئات المتعادلة والجزيئات العالية النشاط، والمسماة بالجذرية Radical.
وما ان يتم تشكيلها فان الجزيئات تتحرر من موقعها على حبيبات الغبار بواسطة موجات الصدمة. وبينما تتهاوى الجزيئات المتحررة بعضها على بعض، فهي تكون قادرة على بعث او امتصاص الاشعاع على ترددات راديوية محددة تكون فريدة بالنسبة لكل نوع من الجزيئات. لقد تعرف الفلكيون على الجزيئات استنادا الى هذه الترددات الراديوية.
تخضع الاف المليارات من الجزيئات، ضمن السحابة الغبارية، الى نفس النوع من التدوير، باعثة او ممتصة نفس الترددات الراديوية. النتيجة النهائية هي اشارة قوية بما فيه الكفاية ليتم تسلمها عن طريق الاجهزة على الارض.
ان الجزيئات المكتشفة حديثا ترفع العدد الكلي من الجزيئات المتعلقة بعلوم الحياة في الفضاء السماوي الى 141 جزيئا. لقد وجد العلماء فيما سبق مادة البنزين -وهو جزيء كاربوني على شكل حلقة ومهم جدا للحياة على الارض- حول النجوم، واحماض امينية كاملة في نيازك سقطت وتحطمت على الارض.
وتشير التجربة الى احتمال وجود المخلوقات ذات التركيب الجزيئي المعقد. وقد قام العلماء في احدى الدراسات بمحاكاة ظروف الفضاء العميق في المختبر، وتمكنوا من تكوين بناء هيكلي صغير مشابه لجدران الخلية في الكائنات الحية.

قضية الحياة خارج الارض
تقترح المكتشفات، اذا أخذ بها جميعا، ان المقومات الكيميائية الضرورية للحياة قد بدأت بالتشكل قبل فترة طويلة من تشكل كوكبنا. يقبل العديد من العلماء الرأي القائل بان النيازك والمذنبات ساعدت على احداث طفرة البداية للحياة على كوكبنا بان جلبت كميات ملحوظة من الماء والجزيئات العضوية وحتى الاحماض الامينية الى الارض البدائية.
يعتقد العلماء اليوم انه من المرجح ان هذه الجزيئات العضوية الاسيرة قد تكونت في سحب الغاز والغبار العظيمة ثم انضمت اخيرا الى الكواكب والنجوم والمذنبات والنيازك. ويُعتقد ان سحب الغبار قد تشكلت نتيجة احداث مثل النوفا والسوبرنوفا مسببة اطلاق عناصر وجزيئات، كانت قد تكونت بفعل تفاعلات حرارية-نووية داخل النجم، الى الفضاء.
يقول هوليز ان فريقه سوف يواصل استعمال مرقاب غرين بانك للاستمرار في البحث عن الجزيئات ذات الاهمية البايولوجية. ويؤكد:"من وجهة نظر الباحث وعالم الاحياء-الفلكي فانها بمثابة منجم ذهب".