Monday, September 11, 2006

نجــمة نـــابضة غــريبة تحـيّر الفلكيـين

space.com
ترجمة: علاء غزالة

نبضات منتظمة وغريبة قادمة من نجمة فوق-مغناطيسية تدعى ماغنيتـَر magnetar جعلت الفلكيين يلتصقون بمناظيرهم في انحاء العالم. والماغنيترات هي بالتحديد نسخ ذات طاقة عالية من النجوم النيوترونية، والتي هي بقايا احتراق نجم عادي.
في آذار الماضي اكتشف الفلكيون ماغنيتر يبعد قرابة 10,000 سنة ضوئية عن الارض في اتجاه مجموعة الرامي (القوس) يبعث اشارات راديوية منتظمة زمنيا. وكانت نظرية قد تنبأت بانه نتيجة للحقول المغناطيسية القوية الخاصة بالماغنيترات، والتي تبلغ شدتها من 100 الى 1000 مرة اقوى من البواعث الراديوية النموذجية، فانها من غير المرجح ان تتمكن من ارسال اشارات راديوية.
الملاحظات الحديثة والمعتمدة على مرقب باركز الراديوي في استراليا تدعو الى اعادة النظر في نظريات اساسية حول تلك النجوم المتطرفة. يقول فرناندو كاميلو من مختبر الفيزياء الفلكية في جامعة كولومبيا بنيويورك: "لقد كانت هناك نظريات قبل تلك الاكتشافات توضح السبب في عدم مقدرتنا على استقبال انبعاثات من المغانيترات، ومن الواضح ان هذه النظريات هي غير صحيحة".
وقد تم اكتشاف الماغنيتر، الذي اطلق عليه اسم XTE J1810-197، لاول مرة بواسطة مستكشف وكالة الفلك والفضاء الامريكية (ناسا) التزامني والمسمى (روسي Rossi) والذي يعمل بالاشعة السينية عام 2003 حينما (عاد الجسم الى الحياة) بشكل فجائي مع اطلاق قوي للاشعة السينية. ثم وجد الفلكيون، باستخدام المرقاب الراديوي ذي المدى الواسع التابع لمؤسسة العلوم الوطنية، ان الجسم يبعث بالفعل موجات راديوية.
لتوضيح هذه الظاهرة الفريدة، افترض العلماء ان الموجات الراديوية كانت تنبعث من سحب من الجزيئات التي تنطلق من النجم النيوتروني في نفس وقت انطلاق الاشعة السينية. وقد تم اثبات خطأ هذه النظرية فورا حينما اكتشف كاميلو وزملاؤه ان XTE J1810-197 كان يبعث نبضات راديوية قوية كل 5.5 ثانية، وهي ترتبط مع معدل دوران هذا الماغنيتر حول نفسه.
يشك الباحثون في ان الحقل المغناطيسي بالغ القوة للماغنيتر يقوم بالانحراف مسببا تغيير موقع التيارات الكهربائية المتدفقة على طول خطوط الحقل المغناطيسي. وهم يعتقدون ان هذه التيارات تغذي النبضات الراديوية المكتشفة.
منارات من الضوء
ان الماغنيترات، شأنها شأن اقربائها المجريّة، هي نجوم نيوترونية دوارة يعتقد بانها نتجت عن الانفجار الذي ادى الى موت نجم عملاق، او ما يدعى بالسوبرنوفا. هذه النجوم النيوترونية الدوارة تبعث دفقا ثابتا من الجزئيات الكهرومغناطيسية من اقطابها المغناطيسية. وبينما يَخفـُق النجم في دورانه حول محوره فان الجزئيات التي تبلغ سرعتها ما يقارب سرعة الضوء تنزلق مبتعدة الى الفضاء. وحينما تشع في اتجاه الارض فان الفلكيين يلتقطون الانبعاثات كنبضات بمراقيب راديوية واخرى عاملة بالاشعة السينية.
ان الحقل المغناطيسي شديد القوة للماغنيتر يعني بانه حينما يبدأ الحقل بالانحلال فان النجم يبعث اشعاعات عالية الطاقة من الاشعة السينية. يقول ديفيد هيلفاند من جامعة كولومبيا: "ان شدة الحقل المغناطيسي للماغنيتر يمكن لها ان تجعل حاملة طائرات تدور متجهة الى الشمال اسرع حتى من ابرة البوصلة على الارض".
المزيد من الاكتشافات الباهرة
يجد الباحثون كلما امعنوا في سبر الاغوار لمزيد من السمات الغريبة في (بيت الضوء) السماوي هذا. يقول كاميلو: "ربما تكون خصائص هذا الانبعاث مفاجئة اكثر بسبب اختلافها بشكل نوعي عن بواعث النبضات (الطبيعية)". وهناك مفاجأة اخرى: معظم النابضات تبدأ بالضعف في الترددات الراديوية العالية.
يقول كاميلو: "بالنسبة لي فان اكثر خصائص الانبعاث اثارة للدهشة هو ان طيفها مسطح ظاهريا". ان هذا يعني ان لمعانها هو نفسه في جميع الترددات التي تمت ملاحظتها، وتشمل كل المدى من 350 ميغاهيرتز الى 140 غيغاهيرتز. ويضيف كاميلو: "النابض النموذجي يكون اضعف بمقدار 15,000 مرة في الترددات العالية مقارنة بالترددات الواطئة، ولذلك لا يمكن اكتشافها. ستكون باهتة للغاية". في الواقع، ان تردد 140 غيغاهيرتز هو اعلى تردد تم اكتشافه على الاطلاق مما يجعل XTE J1810-197 اكثر نجم نيوتروني معروف لمعانا.
فعل التلاشي
لا يتوقع كاميلو ان الاستعراض الضوئي سيستمر للابد. فعلى غرار فورة الاشعة السينية في انفجارات عام 2003، فان النبضات الراديوية سوف تخبو على الارجح مع تباطؤ دوران النجم. وهو يقول: "قد يكون ذلك في الشهر التالي. وهذا هو السبب في اننا نقوم بتجميع المعطيات، كالمجانين، باستعمال جميع المناظير حتى نستطيع ان نضع ايدينا عليها في حال اختفائها بسرعة، وايضا بسبب كونها باردة جدا. لكن ذلك قد يحدث في مائة سنة".
هل يتوقع الفلكيون ايجاد المزيد من تلك الكرات الغريبة التي تدعى ماغنيترات؟ يقول احد البحاثة المشاركين، ويدعى جون رينولدز، وهو المسؤول عن مرقب باركز: "سوف نرى. هذا الاكتشاف سوف يزيد الاهتمام بالتأكيد بين مجموعة الفلكيين المعنيين بالنوابض في عموم العالم لمراقبة الماغنيترات. سوف يكون مفاجئا قليلا عدم اكتشاف المزيد منها في الشهور القادمة".