Tuesday, May 08, 2007

مفاجأة لعلماء الفلك.. باطن عطارد مكون من مادة سائلة

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

تقضي قوانين المطبخ بان البيضة النيئة تدور حول نفسها ابطأ من البيضة المسلوقة. وباستخدام نفس المنطق اكتشف العلماء ان باطن كوكب عطارد مكون من مادة سائلة هي الحديد المنصهر. وقد حلّ هذا الاكتشاف لغزا عمره 30 عاما، غير انه اوجد لغزا آخر.
ولمعرفة فيما اذا كان قلب عطارد سائلا ام صلبا، قام فريق من العلماء يقوده جين لوك مارغوت من جامعة كورنيل بقياس التواء صغير في دوران الكوكب حول نفسه. واقد استخدموا تقنية جديدة تتضمن ارسال اشارة راديوية من مرقاب في كاليفورنيا لترتد عن الكوكب ثم تستلم مرة ثانية في ويست فرجينيا.
بعد خمس سنوات، تم خلالها اجراء 21 ملاحظة بهذه الطريقة، ادرك الفريق ان القيم المستحصلة كانت اكبر مرتين من المتوقع فيما لو كان قلب عطارد صلبا. يقول مارغوت: "ان افضل تفسير للتغايرات في معدل دوران عطارد التي قمنا بقياسها هو ان باطن الكوكب مكون جزئيا على الاقل من مادة منصهرة. لدينا مستوى ثقة يبلغ 95% بصحة الاستنتاج".

قلب ملوث
الكوكب عطارد (يعرف بالانكليزية ميركوري Mercury وقد سمي بهذا الاسم تيمنا بمبعوث السماء الروماني الذي تميز بخفة الحركة) هو اقرب الكواكب الى الشمس. تعادل السنة الواحدة على هذا الكوكب 88 يوما ارضيا. ويعتقد بانه يتألف من طبقة رقيقة من السليكات تغلف قلبا حديديا. وهو صغير جدا بحيث ان كتلته تعادل 5% فقط من كتلة الارض، مما قاد العلماء الى الاعتقاد بانه قد بَرد بسرعة في فترة مبكرة من تكوينه، مما ادى الى تجميد اي باطن سائل كان يمتلكه اساسا محولا اياه الى الحالة الصلبة.
ولكن مركبة فضائية تسمى مارينر 10 مرت بالقرب منه قبل ثلاثين عاما اكتشفت وجود حقل مغناطيسي ضعيف يبلغ 1% من قوة حقل الارض المغناطيسي في هذا الكوكب. ان الحقول المغناطيسية عموما مرتبطة بحركة القلب المنصهر. وقد خمن مارغوت وفريقه بان الكبريت وعناصر خفيفة اخرى قد امتزجت مع الحديد في قلب عطارد في فترة تشكل الكوكب مما ادى الى تخفيض درجة الذوبان. يقول مارغوت: "اذا كانت العناصر تلوث الحديد بشكل كبير، فان ذلك يفسر بقاء قلب الكوكب سائلا حتى الوقت الحاضر". ويضيف: "المفاجأة تمكن في انه من غير المتوقع ان يتكثف الكبريت في مثل المسافة التي تفصل عطارد عن الشمس"

اختلاط الانبعاث
هذه النتيجة غير المتوقعة تخفق في التوافق مع نظرية تشكيل الكواكب القياسية الحالية. تؤكد هذه النظرية على ان الكواكب تتشكل من اقراص الغاز والغبار الدوامة التي تـُدثر النجوم حديثة التكوين. وتتكثف العناصر في عباب القرص حاضن الكواكب وتتحول الى الحالة الصلبة في مسافات مختلفة عن النجم حسب كثافتها النوعية.
تتحول العناصر الثقيلة ذوات نقطة الذوبان العالية مثل الحديد والنيكل والسليكون الى الحالة الصلبة كلما كانت اقرب الى النجم. ومن هذه المواد الصلبة يتشكل جنين الكوكب، وقد تتحول هذه النويات الكوكبية احيانا لتصبح كامل الكوكب. وهذا هو السبب في كون الكواكب الداخلية في مجموعتنا الشمسية، وهي عطارد والزهرة والارض والمريخ، مكونة في معظمها من عناصر ثقيلة. فالعناصر الاخف مثل الكبريت تتحول الى الحالة الصلبة فقط اذا كانت ابعد عن النجم، حيث يكون الموقع اكثر برودة.
تقترح الاكتشافات الجديدة ان نوعا من الاختلاط الانبعاثي كان يحدث في مرحلة مبكرة من تاريخ النظام الشمسي، حيث انتقلت العناصر الاكبر من حافة النظام الشمسي باتجاه الداخل، ربما نتيجة تفاعل جاذبية النويات الكوكبية بعضها مع البعض الاخر.
يقول مارغوت: "بما اننا لا نتوقع ان يتكاثف الكبريت الى الحالة الصلبة حينما تشكل عطارد، فانه لابد وان يكون قد نـُقل الى ذلك الموقع من مكان ابعد في المجموعة الشمسية". ان اللغز الذي لا يزال يحيط بالكوكب عطارد ربما يجد له حلا حينما تمر مركبة الفضاء ماسنجر التابعة لـ(ناسا) لاول مرة بالقرب من الكوكب عام 2008. يقول مارغوت: "لدينا امل في ان تجيب المركبة (ماسنجر) على السؤال القائم، والذي لم نستطع الاجابة عليه من على الارض".
قام الباحثون باجراء قياساتهم باستخدام هوائي مختبر (ناسا) للدفع النفاث والذي يبلغ ارتفاعه 70 مترا، ويقع في كولدستون بكاليفورنيا، ومرقاب غرين بانك في ويست فرجينيا. كما قاموا بارسال اشارات من مرقاب ارسيبو في بورتوريكو واستلامها في غولدستون.