Thursday, May 31, 2007

كواكب واعدة: عوالم صغيرة وصخرية يمكن ان تؤوي الحياة

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

اكتشف العلماء لاول مرة كوكبا بعيدا جدا يمكن ان يكون مشابها للارض. هذا العالم البعيد، الذي يدور حول نجم خافت ذي اسم غير لامع هو Gliese 581، ربما يحتوي على الطبيعة التي نألفها عموما: مشاهد من المحيطات السائلة وقارات متحركة. واذا كان الامر كذلك، فان هناك فرصة ان تكون هذه ارض صالحة للحياة، بل ربما تكون هذه الحياة متطورة.
لقد مرت اثنتا عشرة سنة منذ ان تم اكتشاف اول كوكب يدور حول نجم غير الشمس. منذ ذلك الحين، تمكن فريق صغير من الفلكيين من اصطياد كواكب جديدة بمعدل كوكب واحد كل اسبوعين. واليوم من السهولة ان تجد موقفا غير مبال تجاه هذا الغيث المستمر من العوالم الجديدة. فمع ادراج اكثر من مائتي كوكب على لوحة التسجيل، فان اضافة كوكب آخر لايبدو سوى مزيدا من الاسهاب.
لكن هذا الكوكب مختلف. واكثر اختلافه انه صغير. وقد كانت الاكتشافات المبكرة جميعها تقريبا تعود لعوالم هائلة، عمالقة متثاقلة مقارنة بكواكب المشتري او زحل. ويرجح ان تكون مثل هذه الكواكب العظيمة مدفونة في غلاف جوي سام، وتبدو عليلة لاستضافة الحياة. لقد أصبت، انها ليست الطبيعة التي تفضلها المخلوقات التي تعيش على الكواكب البنية. في الواقع انها الكواكب المفضلة لدى تقنية الارتعاش wobble technique المستعملة في ايجادها، بسبب وزنها الثقيل.
على كل حال فان القياسات التي تجرى على حركة النجوم الصغيرة، مثل القزم الاحمر Gliese 581 يحتمل ان تكشف عن عوالم اخف وزنا، طالما كانت امكانية الاكتشاف معتمدة على النسبة بين كتلتي النجم والكوكب. الكوكب الجديد الذي اصطلح على تسميته بـ Gliese 581c هو اصغر كوكب يدور حول نجم اعتيادي يتم اكتشافه لحد الان، اذ يبلغ قطره فقط 50% اكبر من قطر الارض. ان هذا الحجم الضئيل يقترح (ولكن لا يثبت) انه كوكب صخري مثل الزهرة والارض والمريخ.
وبضربة حظ اخرى، يبدو ان هذا الكوكب يمتلك درجة الحرارة المناسبة على الارجح. وعلى خلاف الارض، يعانق هذا الكوكب النجم الذي يدور حوله بآصرة قوية. فهو اقرب الى نجمه القزم بمسافة تعادل خمس مرات اقل من مسافة عطارد عن الشمس. ومن ناحية اخرى، فان النجم Gliese 581 لا يعدو ان يشكل نسبة مئوية قليلة من لمعان الشمس. ان هذين العاملين لاغيان تقريبا، واجراء حساب بسيط سوف يفضي الى ان معدل درجة الحرارة مشابه الى نطاق الحرارة على الارض.
انت على حق، فكوكب بمثل هذا القرب الى نجمه الام سوف يكون على الاغلب مقفلا مدّيا tidally locked بحيث يكون احد وجهيه مواجها الشمس دائما، بينما يكون الوجه الاخر موجها ابدا الى ظلمة الفضاء الباردة. لكن نموذج الحاسوب يقترح انه اذا كان لمثل هذا الكوكب غلاف جوي، فان الرياح ستعمل على توزيع حرارة الجزء المشرق حول الكوكب. لابد ان تتواجد منطقة هي عبارة عن حزام من الحرارة المعتدلة في مكان ما بالقرب من منطقة حلقة الشفق بين الضوء والظلمة. وقد جاءت بعض التأكيدات على هذه الفكرة من قياسات حديثة بالاشعة تحت الحمراء على كوكب آخر تم اكتشافه حديثا، وهو عالم آخر مغلق مدّيا ايضا يسمى HD 189733b. ان هذا العملاق الغازي يُظهر فيما يبدو اعتدالا في تغاير درجات الحرارة بين نصفيه المضيء والمظلم نتيجة الرياح عالية السرعة.
الخلاصة ستكون مثيرة. فمن بين المئات من الكواكب التي تدور حول نجوم اخرى والمكتشفة لحد الان، يبدو ان Gliese 581c هو المرشح الاوفر حظا لاستضافة الحياة. يمكن تصور ان يحتوي على تضاريس معينة مثل المحيطات السائلة، وجو لطيف، والواح تكتونية تمزج خامات المعادن بالقرب من السطح، وهي الامور المفيدة لاي كائنات متقدمة ذات رغبة في الحصول على التقنية.
قد تكون ظروف الحياة متوفرة، ولكن هل توجد حياة؟ ليس هناك، لحد الان، وسيلة لمعرفة ذلك الا اذا احتوى الكوكب على اجيال من المخلوقات التي تمتلك ذكاء يماثل ذكاءنا على الاقل. كجزء من مشروع فونكس (العنقاء) Project Phoenix الخاص بالبحث عن الحياة الذكية، فقد تم توجيه هوائيات عملاقة بشكل مضاعف باتجاه النجم Gliese 581 على امل التقاط اشارة، ما امكن لهذه التقنية من سبيل. وكانت المحاولة الاولى قد جرت عام 1995 باستخدام مرقاب باركس الراديوي في اوستراليا، وبعد سنتين تم تسجيل ملاحظات اضافية باستخدام هوائي بارتفاع 140 قدم (42 متر) في غرين بانك بويست فرجينيا.
لكن لم يلتقط اي من الهوائيين اشارة اثناء بحثه. بالطبع، من الممكن ان يكون الكون الخارجي قد انهى ارساله حينما كنا نستمع. وقد تكون قوة الارسال من قبلهم غير مناسبة لاجهزة الاستلام التي نملكها. او لربما يكون اتساع الموجة التي نغطيها، وهو حوالي 1200 الى 3000 ميغاهيرتز، هو الجزء الخطأ من الاتصال. هناك الكثير من الطرق التي تمنع العثور على بث من كائنات فضائية. لكن منظومة مرقاب ألين، الذي هو قيد الانشاء الان، سوف يحسن بشكل كبير القدرة على دراسة وتحليل هذا العالم، ومئات الالاف من العوالم الاخرى بشكل اكثر تعمقا.
رغم ان النجم Gliese 581 يقع على مسافة فلكية بعيدة للسفر، الا انه قريب نسبيا. فهو يبعد عنا 20 سنة ضوئية فقط. انها واحدة من انظمة نجمية قليلة التي لو كان فيها حياة لكان من الممكن اثارة حوار. ان تبادلا بسيطا للحوار مثل ارسال جملة "كيف انتم؟"، متبوعة بالجواب: "بخير وانتم؟" سوف يستغرق مدة تبلغ بالكاد اربعة عقود. عمل مضجر، ولكن ليس غير قابل للتفكير فيه.
على كل حال، بغض النظر عما اذا كان العالم الذي يدور حول Gliese 581 يستضيف كائنات لها القدرة على المحادثة ام لا، فان اكتشافه يقترح ذلك بقوة. لقد جادل الفلكيون في منتصف القرن العشرين فيما اذا كانت الكواكب نادرة بشكل استثنائي، ام انها منتشرة كالصراصير. نحن الان نعلم ان الرأي الاخير صائب، وان عدد الكواكب في مجرتنا قد يحسب –بيسر– بمئات المليارات. الاكتشاف الاخير هو اشارة قوية الى ان عددا كبيرا من هذه الكواكب قد يكون مكسوا بالغبار الكيميائي الذي ندعوه الحياة. قد تكون الارض فريدة، لكنها قد لا تكون اعجوبة.