Sunday, May 21, 2006

عناقيد النجوم تخفي اسرار تطور المجموعات النجمية

Space.com
ترجمة: علاء غزالة

الفلك هو علم المشاهدة. وبخلاف علماء الاحياء او الكيمياء، فان الفلكيين لا يستطيعون التحكم بالاجسام التي يدرسونها. وفي مواجهة سماء المساء التي تبدو مجموعاتها النجمية الهامدة جميعها متطابقة، فان قياس اي شيء يتعلق بنجمة، الكسافة او اللمعان، هو امر صعب.لهذا السبب تحول الفلكيون الى العناقيد النجمية، وهي مجاميع من النجوم تربطها اواصر الجاذبية بعضها الى البعض الاخر، وتكونت جميعها في وقت واحد تقريبا ومن نفس المواد. يقول كارلتون بريور وهو خبير في عناقيد النجوم في جامعة راتجرس بولاية نيوجيرسي: "تكون جميع النجوم في العنقود على مسافة واحدة عنـّا، لذلك يمكنك مقارنة لمعانها بدون ان ينتابك القلق فيما اذا كانت النجمة التي تبدو باهتة هي في الحقيقة شديدة اللمعان ولكنها فقط بعيدة جدا".
مفتوحة وكروية
تعرّف الفلكيون على نوعين من العناقيد النجمية: الكروية والمفتوحة. العناقيد الكروية هي رزم كروية محكمة مكونة من مئات الالاف من النجوم القديمة والتي ولدت في اوائل تشكيل مجرتنا. وعلى النقيض، فان العناقيد المفتوحة تشكلت بصورة غير منتظمة وتتألف من مجموعات نجمية احدث واكثر هشاشة.
لقد التقط المنظار هابل مؤخرا اكثر الصور تفصيلا حتى الان لـNGC265 وNGC290، وهما عنقودان نجميان مفتوحان يبعدان عنـّا مسافة 200,000 سنة ضوئية يقعان في السحب الماجلانية الصغيرة، وهي مجرة قزم تدور حول مجرتنا طريق الحليب (درب التبانة).
هذه الصور تظهر نسيجا مهلهلا من تجمعات نجمية تتباين الوانها من الاحمر الى الازرق. وبينما تكون الالوان متعة للنظر، فانها دلائل مهمة للفلكي يستدل منها على التوزيع العام للنجوم ضمن العنقود. النجوم الزرق هي كبيرة وحارة جدا، بينما تكون النجوم ذات اللون البرتقالي او المحمرة اصغر حجما وابرد.وعلى النقيض من ذلك، تميل العناقيد الكروية الى ان تكون اقل تغايرا، وتتكون بصورة رئيسة من نجوم ميتة او قديمة جدا، اذ انها احدث من الكون نفسه ببضع مئات الملايين من السنين فحسب، والذي يبلغ عمره 13,7 مليار عام. تميل نجوم هذا النوع الى ان تكون اصغر، حيث ان النجوم الكبيرة كلها اما ان تكون قد انفجرت كـ(سوبونوفا) او تقلصت لتتحول الى (اقزام بيض). كما تحتوي العناقيد الكروية على الاقزام الحمر، وهي نجوم صغيرة باهتة يمكن لها ان تستمر في الاحتراق لمليارات السنين.
الاهمية الفلكية لها
لقد ثبت ان للعناقيد النجمية اهمية بالغة في كشف التطور النجمي، وللاجابة عن الاسئلة الاساسية حول الكيفية التي تشكلت بها المجرات، وحتى متى بدأ الكون. يوضح لنا ذلك بريور بالقول: "اذا كنت تريد ان تعرف كيف يكبر الناس، فيمكنك اما ان تراقب شخصا معينا لمدى الحياة، او يمكنك ان ان تتطلع الى توزيع سكاني متباين في الاعمار –من الاطفال الى الشيوخ– وتقارن بينهم".
ولان عمر النجمة قد يستغرق عدة مليارات من السنين، فيتوجب على الفلكيين ان يتبعوا الطريقة الثانية. فهم يراقبون عناقيد النجوم من اعمار مختلفة، من العناقيد الكروية الموغلة في القدم الى العناقيد المفتوحة التي تشكلت حديثا، مرورا بكل شي بينهما، ومن ثم المقارنة بينها. وباستخدام هذه الطريقة، يمكن للباحثين ان يكوّنوا فكرة عن معدل تشكيل النجوم خلال مراحل مختلفة من تطور المجرة، وماهية التركيب الكيميائي في نقاط زمنية مختلفة.
يقول سورين من جامعة لارسون اوترخت في هولندا، وهو من الذين قاموا بتحليل صور هابل الجديدة: "العناقيد الكروية تفتقر الى المعادن بشكل كبير، بينما العناقيد المفتوحة تكون نسبيا غنية بالمعادن. ان هذا يتوافق مع فكرة ان العناقيد الكورية تشكلت في مرحلة مبكرة جدا". في المراحل المبكرة من تطور مجرتنا، يكون الهايدروجين والهيليوم اكثر العناصر الكيميائية وفرة. وحينما قدحت شرارة النجوم واشتعلت فانها انتجت معادن اثقل، ومن ثم انضمت الى النجوم من الاجيال التالية.
حول موقعنا
لقد اعطت العناقيد النجمية مؤشرات اولية للفلكيين بان نظامنا الشمسي لم يكن في منتصف مجرة طريق الحليب، كما كان الاعتقاد سائدا في ثلاثينيات القرن الماضي. ولكنه –في الواقع– يقع في مكان ابعد من ذلك، بالقرب من الحافة.
احد المؤشرات على ذلك يتأتى من ملاحظة ان العناقيد الكروية ليست موزعة بانتظام خلال السماء كما تبدو ليلا.
يوضح ذلك بريور بالقول: "اذا قمت بتسقيط توزيع العناقيد فسوف تكتشف ان جميعها تقريبا تقع في جانب واحد من السماء، وتتركز في مجموعة الرامي او القوس (Sagittarius) في سماء الصيف". ولو كانت مجموعتنا الشمسية في منتصف مجرة طريق الحليب، فان العناقيد الكروية يجب ان تظهر بتوزيع اكثر انتظاما في السماء، طالما انها اكثر الاشياء التي تدور حول مركز المجرة شيوعا.
كما ان العناقيد الكروية اعطت تلميحا مبكرا للفلكيين ان تقديرهم لعمر الكون لم يكن دقيقا. فالحسابات التي اعتمدت بناء على ثابت هابل (Hubble Constant) اقترحت ان عمر الكون هو بحدود 10 مليارات سنة. لكن بعض هذه العناقيد بـدا ان عمره يتراوح بين 12 الى 15 مليار سنة. يقول بريور: "العناقيد الكروية قديمة وتعطينا حدودا لعمر الكون. لا يمكن ان يكون الكون احدث من اقدم عنقود نجمي".